عِقَابًا مِنْ مُتَرَهَّبٍ مُتَعَلِّقٍ " بِقُلَّةِ " جَبَلٍ لَا يَنْفَعُ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَضُرُّهُمْ فَنَقُولُ بِنَاءً عَلَى هَذَا: إذَا حَجَّ مُسْلِمًا ثُمَّ ارْتَدَّ وَمَاتَ مُرْتَدًّا فَحَجُّهُ ثَابِتٌ وَيُفِيدُهُ الْحَجُّ التَّحْصِينَ مِنْ الْعُقُوبَةِ وَلَوْ لَمْ يَحُجَّ لَعُوقِبَ عَلَى تَرْكِ الْحَجِّ وَلَكِنَّهُ لَا يُفِيدُ ثَوَابًا فَإِنَّ دَارَ الثَّوَابِ الْجَنَّةُ وَهُوَ لَا يَدْخُلُهَا لِأَنَّهُ كَافِرٌ.
هَذَا قَوْلُنَا فِيمَنْ يَمُوتُ مُرْتَدًّا فَأَمَّا إذَا مَاتَ مُسْلِمًا وَالْحَجُّ قَدْ مَضَى عَلَى الصِّحَّةِ وَالْمَيِّتُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالثَّوَابِ غَيْرُ مُتَعَذِّرٍ فَلَا مَعْنَى " لِلْإِحْبَاطِ " فِي حَقِّهِ أَصْلًا
وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الزِّنَا إذَا ارْتَدَّ " الشَّخْصُ " " الزَّانِي " لَا يَبْطُلُ إحْصَانُهُ حَتَّى لَوْ زَنَى فِي الرِّدَّةِ أَوْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَعَلَيْهِ الرَّجْمُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ الْأَصْحَابُ: لَوْ تَطَهَّرَ ثُمَّ ارْتَدَّ لَا تَبْطُلُ طَهَارَتُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَيَمَّمَ ثُمَّ ارْتَدَّ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ إبَاحَةٌ وَبِالرِّدَّةِ خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْإِبَاحَةِ.
وَقَالُوا لَوْ ارْتَدَّ فِي خِلَالِ أَذَانِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ كَانَ لَهُ الْبِنَاءُ عَلَى الْأَصَحِّ إذَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ فَإِنْ طَالَ بَطَلَ وَكَانَ يَنْبَغِي جَرَيَانُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي الْحَجِّ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ شَدِيدُ الْإِلْزَامِ لَكِنَّهُمْ أَبْطَلُوهُ طَالَ زَمَنُ الرِّدَّةِ أَوْ قَصُرَ.
َّ، فَأَمَّا إذَا كَانَ مَظْلُومًا فَبَذْلٌ لِمَنْ يُتَوَسَّطُ لَهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ فِي خَلَاصِهِ وَسَتْرِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِإِرْشَاءٍ حَرَامٍ بَلْ جَعَالَةٌ مُبَاحَةٌ حَكَاهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي بَابِ الرِّبَا مِنْ تَعْلِيقِهِ عَنْ الْقَفَّالِ وَنَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ مُقْتَصِرًا