الْمَاوَرْدِيُّ فِي بَابِ صَلَاةِ (الْعِيدِ كُلُّهَا) (تَتَعَقَّبُ) الصَّلَاةَ، إلَّا الْجُمُعَةَ وَعَرَفَةَ قَالَ وَمَا يَتَقَدَّمُ الصَّلَاةَ وَاجِبٌ، وَمَا يَتَعَقَّبُهَا سُنَّةٌ.
َ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» ، أَمَّا فِي الْحُكْمِ فَإِنَّ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ الْعَامِدُ وَالْمُخْطِئُ فِيهَا سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ فِي بَعْضِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَقَتْلِ الصَّيْدِ وَالْخَطَأِ فِي الْعِبَادَةِ مَرْفُوعٌ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْقَضَاءِ، إنْ لَمْ يُؤْمَنْ (وُقُوعُ) مِثْلِهِ فِي الْمَفْعُولِ ثَانِيًا، كَمَا لَوْ أَخْطَأَ الْحَجِيجُ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَوَقَفُوا الْعَاشِرَ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ لَا يُؤْمَنُ فِي السِّنِينَ الْمُسْتَقْبَلَةِ.
وَمِثْلُهُ الْأَكْلُ فِي الصَّوْمِ نَاسِيًا وَمُفْسِدُ الْحَجِّ بِالْجِمَاعِ، إذَا أَفْسَدَ الْقَضَاءَ بِالْجِمَاعِ، لَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُ قَضَاءٍ وَاحِدٍ.
وَلَوْ اجْتَهَدُوا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَأَحْرَمُوا، ثُمَّ بَانَ الْخَطَأُ عَامًّا، فَهَلْ يَنْعَقِدُ حَجًّا كَمَا لَوْ وَقَفُوا الْعَاشِرَ (أَوْ عُمْرَةً) ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الرُّويَانِيُّ، أَمَّا إذَا أَمْكَنَ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، فَلَا يَكُونُ الْخَطَأُ عُذْرًا فِي إسْقَاطِ الْقَضَاءِ، كَمَا إذَا أَخْطَأَ الْحَجِيجُ فِي الْمَوْقِفِ فَوَقَفُوا فِي غَيْرِ عَرَفَةَ، فَيَلْزَمُهُمْ الْقَضَاءُ سَوَاءٌ كَانُوا جَمْعًا كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا، قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ فِي الْمُعَايَاةِ؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ فِي الْمَوْقِفِ يُؤْمَنُ مِثْلُهُ فِي الْقَضَاءِ.