وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْخَرَاجَ يُعَلَّلُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِالْمِلْكِ وَبَعْدَهُ بِالضَّمَانِ وَالْمِلْكِ جَمِيعًا، وَاقْتَصَرَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى التَّعْلِيلِ بِالضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ عِنْدَ الْبَائِعِ، وَأَقْطَعُ لِطَلَبِهِ وَاسْتِبْعَادِهِ أَنَّ الْخَرَاجَ لِلْمُشْتَرِي (يَبْذُلُهُ) ، (فَقِيلَ لَهُ) إنَّ الْغُنْمَ فِي مُقَابَلَةِ الْغُرْمِ.
الثَّانِي: لَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ (الضَّمَانَ) لَزِمَ أَنْ تَكُونَ الزَّوَائِدُ لِلْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ أَشَدُّ مِنْ ضَمَانِ غَيْرِهِ، وَمَتَى كَانَتْ الْعِلَّةُ أَشَدَّ كَانَ الْحُكْمُ فِيهَا أَوْلَى وَبِهَذَا اُحْتُجَّ لِأَبِي حَنِيفَةَ (- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) (فِي) أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَضْمَنُ مَنَافِعَ الْمَغْصُوبِ.
وَأُجِيبَ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِذَلِكَ فِي ضَمَانِ الْمِلْكِ وَجَعَلَ الْخَرَاجَ لِمَنْ هُوَ مَالِكُهُ إذَا تَلِفَ» (تَلِفَ) عَلَى مِلْكِهِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي وَالْغَاصِبُ لَا يَمْلِكُ الْمَغْصُوبَ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْخَرَاجَ هُوَ الْمَنَافِعُ جَعَلَهَا لِمَنْ عَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَمْلِكُ الْمَنَافِعَ، بَلْ إذَا أَتْلَفَهَا، (فَالْخِلَافُ) فِي ضَمَانِهَا عَلَيْهِ، فَلَا يَتَنَاوَلُ مَوْضِعَ الْخِلَافِ، وَهَذَا جَوَابُ (الْإِمَامِ) الشَّافِعِيِّ (- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) .