الْخَبَرُ مَا احْتَمَلَ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: مَنْ أَخْبَرَتْنِي مِنْكُمَا بِكَذَا فَهِيَ طَالِقٌ، فَإِذَا أَخْبَرَتَا طَلُقَتَا صَدَقَتَا أَوْ كَذَبَتَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَقْرُونِ بِالْبَاءِ وَغَيْرِهَا.
وَقَالَ الْفُورَانِيُّ، لَوْ قَالَ مَنْ أَخْبَرَتْنِي مِنْكُمَا بِقُدُومِ زَيْدٍ لَمْ يَقَعْ، إلَّا إذَا أَخْبَرَتْهُ صَادِقَةً لِأَنَّ الْبَاءَ لِلْإِلْصَاقِ فَصَارَ فِي مَعْنَى شَرْطِ الْقُدُومِ فِي الْإِخْبَارِ.
وَمَنْ أَخْبَرَ بِبَعْضِ الْوَاقِعِ هَلْ يُسَمَّى كَاذِبًا، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَأَخْبَرَ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِتِسْعِينَ فَهَلْ يَكُونُ كَاذِبًا فِي إخْبَارِهِ، وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا - لِدُخُولِ التِّسْعِينَ فِي الْمِائَةِ، فَعَلَى هَذَا لَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، لِذَا عُلِمَ الْحَالُ وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَاذِبٌ لِأَنَّ التِّسْعِينَ بَعْضُ الثَّمَنِ، وَفِي مُقَابَلَةِ جَمِيعِ (الْبَيْعِ) ، وَعَلَى هَذَا فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ.
وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً، ثُمَّ قَالَ كَذَبْت أَوْ هِيَ مُبْطَلَةٌ امْتَنَعَ الْحُكْمُ بِهَا، وَفِي بُطْلَانِ دَعْوَاهُ وَجْهَانِ (اخْتَارَ) صَاحِبُ التَّقْرِيبِ الْبُطْلَانَ لِأَنَّ الْكَذِبَ عِنْدَ الْأَشْعَرِيَّةِ عَدَمُ مُطَابَقَةِ الْخَبَرِ لِمَا فِي الْخَارِجِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الشَّخْصُ ذَلِكَ، وَعَنْ صُورَةِ الْجَهْلِ احْتَرَزَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» ، وَإِنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمُنَافِقِينَ