وَحَاصِلُ الْخِلَافِ أَنَّهُمَا شَطْرٌ أَوْ شَرْطٌ وَشَرْطُ أَرْبَابِ الْقُلُوبِ، أَنْ يَتْرُكَ الذَّنْبَ لِلَّهِ خَالِصًا، كَمَا ارْتَكَبَهُ لِهَوَاهُ خَالِصًا.
قَالَ الْعَبَّادِيُّ: وَمَنْ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً سِرًّا، فَتَوْبَتُهُ أَنْ يَنْدَمَ وَيُقْلِعَ عَنْهَا سِرًّا، فَإِنْ ظَهَرَ ذَلِكَ فَيَتُوبُ عَلَانِيَةً.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَقَدْ تَكُونُ التَّوْبَةُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، وَذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ عَجَزَ عَنْ الْعَزْمِ وَالْإِقْلَاعِ، فَلَا يَسْقُطُ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ بِالْمَعْجُوزِ عَنْهُ، كَمَا لَا يَسْقُطُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ بِمَا عَجَزَ عَنْهُ وَذَلِكَ كَتَوْبَةِ الْأَعْمَى عَنْ النَّظَرِ الْمُحَرَّمِ، وَتَوْبَةِ الْمَجْبُوبِ عَنْ الزِّنَى قُلْت: وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْغَزَالِيِّ (- رَحِمَهُ اللَّهُ -) ، فِيمَا سَبَقَ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ تَوْبَتُهُ.
قَالَ: لِأَنَّ التَّوْبَةَ عِبَارَةٌ عَنْ نَدَمٍ يَبْعَثُ عَلَى التَّرْكِ فِيمَا يَقْدِرُ عَلَى فِعْلِهِ، وَمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَقَدْ انْعَدَمَ بِنَفْسِهِ لَا بِتَرْكِهِ إيَّاهُ.
وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا، مَا لَوْ آلَى مِنْ زَوْجَتِهِ ثُمَّ جُبَّ، وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فَيْئُهُ بِاللِّسَانِ، بِأَنْ يَقُولَ: لَوْ قَدَرْت لَفِئْت، وَلَا يَقُولُ إذَا، وَاعْتَبَرَ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ أَنْ يَقُولَ مَعَهُ نَدِمْت عَلَى مَا كَانَ مِنِّي.