النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا الْوُجُوبُ، وَأَمَّا صِحَّةُ صَلَاةِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَصَوْمِهَا مَعَ عَدَمِ جَزْمِ النِّيَّةِ لِلتَّرَدُّدِ فِي الْوُجُوبِ فَلِأَنَّ أَيَّامَ الطُّهْرِ أَغْلَبُ مِنْ أَيَّامِ الْحَيْضِ فَلَا يَكُونُ التَّرَدُّدُ بَيْنَهُمَا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ.
وَثَانِيهِمَا: مَوْضِعُ الضَّرُورَةِ كَمَنْ شَكَّ هَلْ الْخَارِجُ مِنْ ذَكَرِهِ مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ فَإِنَّهُ يَغْتَسِلُ احْتِيَاطًا وَلَيْسَ بِجَازِمٍ، وَكَذَا فِيمَنْ مَلَكَ إنَاءً بَعْضُهُ فِضَّةٌ وَبَعْضُهُ ذَهَبٌ وَجَهِلَ أَكْثَرَهُمَا زَكَّى الْأَكْثَرَ ذَهَبًا وَفِضَّةً، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِيهِ إشْكَالٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى جَزْمِ النِّيَّةِ إلَّا فِي نِصَابٍ وَاحِدٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ النَّقْدَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مِلْكِهِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَكَذَلِكَ اُسْتُشْكِلَ الْأَوَّلُ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ فِي مَبَاحِثِ الشَّكِّ وَجَوَابُهُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يُسَوَّغُ لِلْحَاجَةِ، وَلِهَذَا اسْتَحَبَّ (الْإِمَامُ) الشَّافِعِيُّ (- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) لِلْمَجْنُونِ إذَا أَفَاقَ الِاغْتِسَالَ عَنْ الْجَنَابَةِ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ حُصُولَهَا فِي حَالِ جُنُونِهِ.
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: الْمُقَارَنَةُ لِأَوَّلِ الْوَاجِبِ كَالْوُضُوءِ يَجِبُ قَرْنُهَا بِأَوَّلِ مَغْسُولٍ مِنْ الْوَجْهِ وَكَالصَّلَاةِ يَجِبُ قَرْنُهَا بِالتَّكْبِيرِ وَقَدْ لَا يُشْتَرَطُ فِي مَوْضِعِ الْمَشَقَّةِ وَكَالصَّلَاةِ يَجِبُ قَرْنُهَا بِالتَّكْبِيرِ وَقَدْ لَا يُشْتَرَطُ فِي مَوْضِعِ الْمَشَقَّةِ، كَالصَّوْمِ فَإِنَّهُ تَصِحُّ نِيَّتُهُ مُتَرَاخِيَةً عَنْ