أُرِيدَ بِهَا انْبِعَاثٌ لِلْقَصْدِ مُوَجَّهًا إلَى ذَلِكَ الْغَرَضِ، فَالْغَرَضُ عِلَّةٌ وَقَصْدُ الْفِعْلِ لَا يَنْفَكُّ عِنْدَ الْخَطَرِ إذْ اللِّسَانُ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ كَلَامٌ مَنْظُومٌ اضْطِرَارًا، وَالْفِكْرُ قَدْ يَنْفَكُّ عَنْ النِّيَّةِ فَهَذَا يُفِيدُك أَنَّ النِّيَّةَ عِبَارَةٌ عَنْ إجَابَةِ الْبَاعِثِ الْمُتَحَرِّكِ فَهَذَا تَحْقِيقُ نَوْعَيْ الْقَصْدِ، فَالْقَصْدُ الْأَوَّلُ يَسْتَدْعِي عِلْمًا فَإِنَّ مَنْ لَا يَعْلَمُ الْقِيَامَ وَلَا التَّكْبِيرَ لَا يَقْصِدُ، وَالْقَصْدُ الثَّانِي أَيْضًا يَسْتَدْعِي الْعِلْمَ بِأَنَّ الْغَرَضَ إنَّمَا يَكُونُ بَاعِثًا فِي حَقِّ مَنْ عَلِمَ الْغَرَضَ فَيُرْجَعُ إلَى الثَّانِي وَهُوَ النِّيَّةُ وَهِيَ خَطِرَةٌ وَاحِدَةٌ لَيْسَ فِيهَا تَعَدُّدٌ حَتَّى يَعْسُرَ جَمْعُهَا وَيُمْكِنُ اسْتِدَامَتُهَا بَلْ يَجِبُ مِنْ أَوَّلِ التَّكْبِيرِ إلَى آخِرِهِ وَتَنْقَطِعُ اسْتِدَامَتُهَا بِضِدِّهَا وَهُوَ قَصْدٌ لِشَيْءٍ آخَرَ.
الثَّانِي: النِّيَّةُ تَنْقَسِمُ إلَى نِيَّةِ (التَّقَرُّبِ) وَنِيَّةِ التَّمْيِيزِ.
فَالْأُولَى: تَكُونُ فِي الْعِبَادَاتِ وَهُوَ إخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ (تَعَالَى) .
وَالثَّانِيَةُ: تَكُونُ فِي الْمُحْتَمَلِ لِلشَّيْءِ وَغَيْرِهِ وَذَلِكَ كَأَدَاءِ الدُّيُونِ إذَا أَقْبَضَهُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ التَّمْلِيكَ هِبَةً وَقَرْضًا وَدِيعَةً وَإِبَاحَةً فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ تَمَيُّزِ إقْبَاضِهِ عَنْ سَائِرِ أَنْوَاعِ الْإِقْبَاضِ، وَلَا يُشْتَرَطُ (نِيَّةُ التَّقَرُّبِ) ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِي مَوَاضِعَ، وَقَالَ فِي بَابِ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ: إنَّ مَنْ عَلَيْهِ أَلْفُ.