وَمِثْلُهُ مَا حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ لَوْ أَلْقَتْ الْبَهِيمَةُ حَبًّا عَلَى هَيْئَتِهِ بِحَيْثُ لَوْ زُرِعَ لَنَبَتَ وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: لَوْ حَمَلَ الْبَيْضَةَ الْمَذِرَةَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تَصِحَّ " صَلَاتُهُ " فِي الْأَصَحِّ نَعَمْ لَا بُدَّ فِي " هَذَا " الْأَصْلِ السَّابِقِ مِنْ قَيْدَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ فَأَمَّا الْمَوْتُ فَيَنْجُسُ. وَلِهَذَا لَوْ مَاتَتْ بَهِيمَةٌ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ " تَنَجَّسَ " " بِمُلَاقَاتِهِ " النَّجَاسَةَ فِي الْبَاطِنِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ " - رَحِمَهُ اللَّهُ - ": لَا يَنْجُسُ؛ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِنَجَاسَةِ الْبَاطِنِ، وَقَالَ: إنَّ الْإِنْفَحَةَ إذَا أُخِذَتْ مِنْ الْمَيْتَةِ كَانَتْ طَاهِرَةً وَإِذَا قُلْنَا بِطَهَارَةِ لَبَنِ الْمَأْكُولِ فَأَكَلَ نَجَاسَةً فَيُحْتَمَلُ الْقَطْعُ بِنَجَاسَتِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ لِمَا سَبَقَ فِي لَحْمِ الْكَلْبِ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي التَّذْكِرَةِ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ النَّجَاسَةَ فِي الْبَاطِنِ لَا حُكْمَ لَهَا بِدَلِيلِ مَا لَوْ ابْتَلَعَ شَيْئًا ثُمَّ تُقَيَّأهُ فِي الْحَالِ فَإِنَّهُ نَجِسٌ قَالَ: وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ اللَّبَنَ يُلَاقِي الْفَرْثَ وَالدَّمَ بَلْ بَيْنَهُمَا حِجَابٌ فِي الْبَاطِنِ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ.
الثَّانِي: أَنْ لَا يَتَّصِلَ بِنَجَاسَةِ الْبَاطِنِ ظَاهِرٌ فَإِنْ اتَّصَلَ بِهَا كَمَا لَوْ بَلَعَ خَيْطًا فَوَصَلَ طَرْفُهُ إلَى مَعِدَتِهِ وَطَرْفُهُ الْآخَرُ " خَارِجٌ أَوْ أُدْخِلَ " فِي دُبُرِهِ عُودًا وَبَقِيَ بَعْضُهُ خَارِجًا وَصَلَّى فَفِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا تَبْطُلُ.
وَلَوْ أَصْبَحَ صَائِمًا وَفِي فِيهِ خَيْطٌ بَعْضُهُ مُتَّصِلٌ بِبَاطِنِهِ فَهَذَا إنْ نَزَعَهُ بَطَلَ صَوْمُهُ، كَمَا لَوْ " اسْتَقَاءَ " عَمْدًا وَإِنْ تَرَكَهُ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَنْزِعَهُ غَيْرُهُ