وَلَوْ وَصَّى لِشَخْصٍ بِرَقَبَةِ عَبْدٍ وَسَكَتَ عَنْ " الْمَنْفَعَةِ " فَلَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّهَا لَهُ أَوْ لِلْوَرَثَةِ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: الظَّاهِرُ أَنَّهَا لِلْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ، أَمَّا إذَا أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ لِزَيْدٍ وَبِالرَّقَبَةِ لِعَمْرٍو فَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ الْوَصِيَّةَ وَلَمْ يَقْبَلْهَا الْمُوصَى لَهُ " بِالْمَنَافِعِ " فَهَلْ تَعُودُ الْمَنَافِعُ إلَى الْوَرَثَةِ أَوْ " لِلْمُوصَى " لَهُ بِالرَّقَبَةِ؟ وَجْهَانِ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْجَزْمُ بِأَنَّهَا لِلْوَرَثَةِ " لِإِخْرَاجِهَا بِالْقَبْضِ عَنْ الْوَصِيَّةِ لِغَيْرِ الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ، وَإِنَّمَا يَتَّجِهُ الْجَزْمُ " " بِهِ " " بِأَنَّهَا لِلْوَرَثَةِ إذَا أَوْصَى لِوَاحِدٍ بِالرَّقَبَةِ " بِلَا مَنْفَعَةٍ وَلِلْآخَرِ بِالْمَنْفَعَةِ فَأَمَّا إذَا أَوْصَى بِالرَّقَبَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ ثُمَّ وَصَّى بِالْمَنْفَعَةِ لِآخَرَ، فَالظَّاهِرُ " أَنَّهَا " عَلَى الْوَجْهَيْنِ، لِأَنَّ رَدَّهُ أَبْطَلَ أَثَرَ الْوَصِيَّةِ بِالْمَنَافِعِ فَتَبْقَى الْوَصِيَّةُ بِالرَّقَبَةِ عَلَى إطْلَاقِهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمَنَافِعِ رُجُوعٌ عَنْ ذَلِكَ الْإِطْلَاقِ وَالْوَصِيَّةُ تَحْتَمِلُ الرُّجُوعَ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ، أَمَّا لَوْ تَقَدَّمَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْمَنَافِعِ ثُمَّ أَوْصَى بِالرَّقَبَةِ فَهَلْ نَقُولُ: إنَّهُ كَالْحَالَةِ الْأُولَى أَوْ هُوَ رُجُوعٌ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِالْمَنَافِعِ، فِيهِ نَظَرٌ.
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي تَحْقِيقِ الْمَنْفَعَةِ وَكَوْنِهَا مَمْلُوكَةً قَبْلَ وُجُودِهَا وَإِيرَادِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا كَلَامًا كَثِيرًا، وَالْمَفْهُومُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ أَنَّهَا تَهَيُّؤُ الْعَيْنِ لِذَلِكَ " الْمَعْنَى " الَّذِي قُصِدَ " مِنْهَا " كَالدَّارِ مُتَهَيِّئَةً لِلسُّكْنَى، وَالتَّهَيُّؤُ مَوْجُودٌ الْآنَ وَتَتَوَالَى أَمْثَالُهُ فِي الْأَزْمِنَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ " وَسَكَنَهَا " الْمُسْتَأْجِرُ، وَهَلْ نَقُولُ: إنَّهَا مَمْلُوكَةٌ؟ قَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: لَا " وَهُوَ " قَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ؛ لِأَنَّ مَا لَيْسَ بِمَوْجُودٍ كَيْفَ يَكُونُ بَدَلًا.
وَقَالَ