وَأخذ مَالِي وَمَنَعَنِي وَنَحْو ذَلِك قَالَ الله تَعَالَى (لَا يحب الله الْجَهْر بالسوء من القَوْل إِلَّا من ظلم) وَقد نزلت فِيمَن ضاف قوما فَلم يقروه لِأَن قرى الضَّيْف وَاجِب كَمَا دلّت عَلَيْهِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة فَلَمَّا منعُوهُ حَقه كَانَ لَهُ ذكر ذَلِك وَأما الْحَاجة مثل إستفتاء هِنْد بنت عتبَة كَمَا ثَبت فِي الصَّحِيح أَنَّهَا قَالَت يَا رَسُول الله إِن أَبَا سُفْيَان رجل شحيح لَا يعطيني وَبنى مَا يَكْفِينِي بِالْمَعْرُوفِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خذي مَا يَكْفِيك وولدك بِالْمَعْرُوفِ أَخْرجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث عَائِشَة فَلم يُنكر عَلَيْهَا قَوْلهَا وَهُوَ من جنس قَول الْمَظْلُوم
وَأما النَّصِيحَة فَمثل قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لفاطمة بنت قيس لما استشارته فِيمَن خطبهَا فَقَالَت خطبني أَبُو جهم وَمُعَاوِيَة فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما مُعَاوِيَة فصعلوك لَا مَال لَهُ وَأما أَبُو جهم فَلَا يضع عَصَاهُ عَن عَاتِقه وَفِي لفظ يضْرب النِّسَاء إنكحي أُسَامَة فَلَمَّا إستشارته فِيمَن تتَزَوَّج ذكر مَا تحْتَاج إِلَيْهِ
وَكَذَلِكَ من إستشار رجلا فِيمَن يعامله
والنصيحة مَأْمُور بهَا وَلَو لم يشاوره فقد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الحَدِيث الصَّحِيح الدّين النَّصِيحَة الدّين النَّصِيحَة ثَلَاثًا
قَالُوا لمن يَا رَسُول الله قَالَ لله ولكتابه وَلِرَسُولِهِ ولأئمة الْمُسلمين وعامتهم
وَكَذَلِكَ بَيَان أهل الْعلم لمن غلط فِي رِوَايَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو تعمد الْكَذِب عَلَيْهِ أَو على من ينْقل عَنهُ الْعلم
وَكَذَلِكَ بَيَان من غلط فِي رَأْي رَآهُ فِي أَمر الدّين من الْمسَائِل العلمية والعملية
فَهَذَا إِذا تكلم فِيهِ الْإِنْسَان بِعلم وَعدل وَقصد النَّصِيحَة فَالله تَعَالَى يثيبه على ذَلِك لَا سِيمَا إِذا كَانَ الْمُتَكَلّم فِيهِ دَاعيا إِلَى بِدعَة فَهَذَا يجب بَيَان أمره للنَّاس فَإِن دفع شَره عَنْهُم أعظم من دفع شَرّ قَاطع الطَّرِيق
وَحكم الْمُتَكَلّم بإجتهاده فِي الْعلم وَالدّين حكم أَمْثَاله من الْمُجْتَهدين
ثمَّ قد يكون مُجْتَهدا مخطئا أَو مصيبا وَقد يكون كل من الرجلَيْن الْمُخْتَلِفين بِاللِّسَانِ أَو الْيَد مُجْتَهدا يعْتَقد الصَّوَاب مَعَه وَقد يكونَانِ جَمِيعًا مخطئين مغفورا لَهما كَمَا ذكرنَا نَظِير ذَلِك مِمَّا كَانَ يجْرِي بَين الصَّحَابَة
وَلِهَذَا ينْهَى عَمَّا شجر بَين هَؤُلَاءِ سَوَاء كَانُوا من الصَّحَابَة أَو من