وَنَحْوهَا مِمَّا يظْهر كفر أَهلهَا لمن يعرف الْإِسْلَام أدنى معرفَة بِخِلَاف من يكفر عليا ويلعنه من الْخَوَارِج وَمِمَّنْ قَاتله ولعنه من أَصْحَاب مُعَاوِيَة وَبني مَرْوَان وَغَيرهم فَإِن هَؤُلَاءِ كَانُوا مقرين بِالْإِسْلَامِ وشرائعه يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة وَيَصُومُونَ رَمَضَان ويحجون الْبَيْت الْعَتِيق ويحرمون مَا حرم الله وَرَسُوله وَلَيْسَ فيهم كفر ظَاهر بل شَعَائِر الْإِسْلَام وشرائعه ظَاهِرَة فيهم معظمة عِنْدهم وَهَذَا أَمر يعرفهُ كل من عرف أَحْوَال الْإِسْلَام فَكيف يَدعِي مَعَ هَذَا أَن جَمِيع الْمُخَالفين نزهوه دون الثَّلَاثَة
بل إِذا اعْتبر الَّذين كَانُوا يبغضونه ويوالون عُثْمَان وَالَّذين كَانُوا يبغضون عُثْمَان وَيُحِبُّونَ عليا وجد هَؤُلَاءِ خيرا من أُولَئِكَ من وُجُوه مُتعَدِّدَة وَلَو تخلى أهل السّنة عَن مُوالَاة عَليّ رَضِي الله عَنهُ لم يكن فِي المتولين لَهُ من يقدر أَن يُقَاوم المبغضين لَهُ من الْخَوَارِج والأموية والمروانية فَإِن هَؤُلَاءِ طوائف كَثِيرَة
وَمَعْلُوم أَن شَرّ الَّذين يبغضونه هم الْخَوَارِج الَّذين كفروه واعتقدوا أَنه مُرْتَد عَن الْإِسْلَام وَاسْتَحَلُّوا قَتله تقربا إِلَى الله تَعَالَى حَتَّى قَالَ شَاعِرهمْ عمرَان بن حطَّان
(يَا ضَرْبَة من تقى مَا أَرَادَ بهَا ... إِلَّا ليبلغ من ذِي الْعَرْش رضوانا)
(إِنِّي لأذكره يَوْمًا فأحسبه ... أوفى الْبَريَّة عِنْد الله ميزانا)
فعارضه شَاعِر أهل السّنة فَقَالَ
(يَا ضَرْبَة من شقي مَا أَرَادَ بهَا ... إِلَّا ليبلغ من ذِي الْعَرْش خسرانا)
(إِنِّي لأذكره يَوْمًا فألعنه ... لعنا وألعن عمرَان بن حطانا)
وَهَؤُلَاء الْخَوَارِج كَانُوا موجودين فِي زمن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ يناظرونهم ويقاتلونهم وَالصَّحَابَة اتَّفقُوا على وجوب قِتَالهمْ وَمَعَ هَذَا فَلم يكفروهم وَلَا كفرهم عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ