لَا يفعل وَهُوَ الْآن على حَاله فَهُوَ الْآن لَا يفعل وَقد فرض فَاعِلا هَذَا خلف وَإِنَّمَا لزم ذَلِك من تَقْدِير ذَات معطلة عَن الْفِعْل
فَيُقَال لَهُم ذَا بِعَيْنِه حجَّة عَلَيْكُم فِي إِثْبَات ذَات بسيطة لَا يقوم بهَا فعل وَلَا وصف مَعَ صُدُور الْحَوَادِث عَنْهَا وَإِن كَانَت بوسائط لَازِمَة لَهَا فالوسط اللَّازِم لَهَا قديم بقدمها وَقد قَالُوا إِنَّه يمْتَنع صُدُور الْحَوَادِث عَن قديم هُوَ على حَال وَاحِدَة كَمَا كَانَ
الْوَجْه الثَّالِث أَنهم قَالُوا إِن الْوَاجِب فياض دَائِم الْفَيْض وَإِنَّمَا يتخصص بعض الْأَوْقَات بالحدوث لما يَتَجَدَّد من حُدُوث الإستعداد وَالْقَبُول وحدوث الإستعداد وَالْقَبُول هُوَ سَبَب حُدُوث الحركات
فَهَذَا بَاطِل إِذْ هَذَا إِنَّمَا يتَصَوَّر إِذا كَانَ الفعال الدَّائِم الْفَيْض لَيْسَ هُوَ الْمُحدث لإستعداد الْقبُول كَمَا تَدعُونَهُ فِي الْعقل الفعال فتقولون إِنَّه دَائِم الْفَيْض وَلَكِن يحدث إستعداد القوابل بِسَبَب حُدُوث الحركات الفلكية والإتصالات الكوكبية وَتلك لَيست صادرة عَن الْعقل الفعال
وَأما فِي الْمُبْدع الأول فَهُوَ الْمُبْدع لكل مَا سواهُ فَعَنْهُ يصدر الإستعداد وَالْقَبُول
إِلَى أَن قَالَ وَإِذا كَانَ هُوَ سُبْحَانَهُ الْفَاعِل لذَلِك كُله امْتنع أَن يكون عِلّة تَامَّة أزلية مستلزمة لمعلولها لِأَن ذَلِك يُوجب أَن يكون معلوله كُله أزليا وكل مَا سواهُ معول لَهُ فَيلْزم أَن يكون مَا سواهُ أزليا
وَهَذِه مُكَابَرَة للحس وَفَسَاد هَذَا مَعْلُوم بِالضَّرُورَةِ
وَإِنَّمَا عظمت حجتهم على أهل الْكَلَام المذموم الَّذين إعتقدوا أَن الرب تَعَالَى كَانَ فِي الْأَزَل يمْتَنع مِنْهُ الْفِعْل وَالْكَلَام بقدرته ومشيئته وَكَانَ حَقِيقَة قَوْلهم إِنَّه لم يكن قَادِرًا فِي الْأَزَل