أبدا وَلِهَذَا قيل
كل نعْمَة مِنْهُ فضل وكل نقمة مِنْهُ عدل وَلِهَذَا يخبر أَنه يُعَاقب النَّاس بِذُنُوبِهِمْ وَأَن إنعامه عَلَيْهِم إِحْسَان مِنْهُ وَفِي الصَّحِيح فَمن وجد خيرا فليحمد الله وَمن وجد غير ذَلِك فَلَا يَلُومن إِلَّا نَفسه وَقَالَ تَعَالَى (مَا أَصَابَك من حَسَنَة فَمن الله) أَي مَا أَصَابَك من نعم تحبها كالنصر والرزق فَالله أنعم بذلك عَلَيْك وَمَا أَصَابَك من نقم تكرهها فبذنوبك وخطاياك
فالحسنات والسيئات هُنَا النعم والمصائب كَمَا قَالَ (وبلوناهم بِالْحَسَنَاتِ والسيئات) وَقَالَ {إِن تصبك حَسَنَة تسؤهم} وَقَالَ {إِن تمسسكم حَسَنَة تسؤهم وَإِن تصبكم سَيِّئَة يفرحوا بهَا}
وَأجْمع الْمُسلمُونَ على أَنه تَعَالَى مَوْصُوف بالحكمة فَقَالَت طَائِفَة مَعْنَاهَا رَاجع إِلَى الْعلم بِأَفْعَال الْعباد وإيقاعها على الْوَجْه الَّذِي أَرَادَهُ وَقَالَ جُمْهُور السّنة
بل هُوَ حَكِيم فِي خلقه وَأمره
وَالْحكمَة لَيست هِيَ مُطلق الْمَشِيئَة إِذْ لَو كَانَ كَذَلِك لَكَانَ كل مُرِيد حكيما
وَمَعْلُوم أَن الْإِرَادَة تَنْقَسِم إِلَى إِرَادَة محمودة ومذمومة بل الْحِكْمَة مَا فِي خلقه وَأمره من العواقب المحمودة
وَأَصْحَاب القَوْل الأول كالأشعري وَمن وَافقه من الْفُقَهَاء يَقُولُونَ لَيْسَ فِي الْقُرْآن لَام التَّعْلِيل فِي أَفعَال الله بل لَيْسَ فِيهِ إِلَّا لَام الْعَاقِبَة
وَأما الْجُمْهُور فَيَقُولُونَ
بل لَام التَّعْلِيل دَاخِلَة فِي أَفعاله وَأَحْكَامه
وَهَذِه الْمَسْأَلَة لَا تتَعَلَّق بِالْإِمَامَةِ أصلا وَأكْثر أهل السّنة على إِثْبَات الْحِكْمَة وَالتَّعْلِيل فَمن أنكر ذَلِك احْتج بحجتين
إِحْدَاهمَا أَن ذَلِك يلْزم التسلسل فَإِنَّهُ إِذا فعل لعِلَّة فَتلك الْعلَّة أَيْضا حَادِثَة وتفتقر إِلَى عِلّة إِن وَجب أَن يكون لكل حَادث عِلّة وَإِن عقل الإحداث بِلَا عِلّة لم يحْتَج إِلَى إِثْبَات عِلّة
الثَّانِيَة أَنهم قَالُوا من فعل لعِلَّة كَانَ مستكملا بهَا لِأَنَّهُ لَو لم يكن حُصُول الْعلَّة أولى من عدمهَا لم تكن عِلّة والمتكمل بِغَيْرِهِ نَاقص بِنَفسِهِ وَذَلِكَ مُمْتَنع على الله
وأوردوا على الْمُعْتَزلَة حجَّة تقطعهم على أصولهم فَقَالُوا الْعلَّة