200- أخبرنا الحسين بن أحمد الثقفي، أنبأ محمد بن جعفر الخرائطي بعسقلان، ثنا الحسن بن عرفة، ثنا كثير بن مروان الفلسطيني، عن أليس بن شقير (1) ، عن أبي حازم، عن ابن عباس في قول الله {وكان تحته كنز لهما} قال: لبنة من ذهب فيها مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم عجباً لمن يعرف الموت كيف يضحك , وعجباً لمن يعرف الدنيا وتحولها بأهلها كيف يطمئن إليها، وعجباً لمن يؤمن بالقضاء والقدر كيف ينصب في طلب الرزق، وعجباً لمن يؤمن بالمثلات كيف يعمل الخطايا، لا إله إلا الله محمد رسول الله.
• أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن المقرئ، حدثني العباس بن يوسف الشكلي قال: سمعت بعض المتعبدين بالساحل يقول: إن لله عباداً عرفوه بيقين من معرفته فشمروا قصدهم إليه، احتملوا في الدنيا المصائب لما يرجون عنده من الرغائب، صحبوا الدنيا بالأشجان وتنعموا فيها بطول الأحزان، فما نظروا إليها بعين راغب، ولا تزودوا منها إلا كزاد الراكب، خافوا البيات فأسرعوا، ورجوا النجاة فأزمعوا، بذلوا مهج أنفسهم في إلتماس رضا ربهم، نصبوا الآخرة نصب أعينهم، وأصغوا إليها بآذان قلوبهم، فلو رأيتهم لرأيت قوماً ذبلاً شفاههم، خمصاً بطونهم، حزينةً قلوبهم، ناحلةً أجسامهم، باكيةً أعينهم، لم يصحبوا العلل والتسويف، قنعوا من الدنيا بقوت طفيف، لبسوا من اللباس أطماراً باليةً، وسكنوا من البلاد قفاراً نائية، هربوا من الأوطان، واستبدلوا الوحدة من الإخوان، فلو رأيتهم لرأيت قوماً قد ذبحهم الليل بسكاكين السهر، وفصل الأعضاء منهم بخناجر التعب خمص طول السرى، شعث لفقد الكرى، قد وصلوا الكلال بالكلال وتأهبوا للنقلة والارتحال.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مرسومة هكذا ولعله (الليث بن سعد) فالله أعلم