حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى، ثنا سَيْفُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ عِصْمَةَ بْنِ بَشِيرٍ، عَنِ الْفَزَعِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمُنْقَعَ، يَقُولُ: قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَدَقَةِ إِبِلِنَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ صَدَقَةُ إِبِلِنَا. فَأَمَرَ بِهَا فَقُبِضَتْ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فِيهَا نَاقَةٌ هَدِيَّةٌ. قَالَ: «فَاعْزِلِ الْهَدِيَّةَ مِنَ الصَّدَقَةِ» . قَالَ: فَمَكَثْتُ أَيَّامًا، وَخَاضَ النَّاسُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَاعِثٌ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى رَقِيقِ مُضَرَ فَمُصَدِّقُهُمْ، قُلْتُ: وَاللَّهِ إِنَّ لَنَا لَعَنَاءً، وَمَا عِنْدَ أَهْلِنَا مِنْ مَالٍ، فَلَأَصَّدَّقَنَّ هَاهُنَا قَبْلَ أَنْ آتِيَ أَهْلِي، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ، وَمَعَهُ أَسْوَدُ قَدْ حَاذَى رَأْسُهُ رَأْسَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاكِبٌ، مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ أَطْوَلَ مِنْهُ، فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ كَأَنَّهُ أَهْوَى إِلَيَّ الْأَسْوَدُ، فَكَفَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ النَّاسَ قَدْ خَاضُوا أَنَّكَ بَاعِثٌ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى رَقِيقِ مُضَرَ فَمُصَدِّقُهُمْ. فَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ لَا أُحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَكْذِبُوا عَلَيَّ» يَقُولُهَا ثَلَاثًا. قَالَ الْمُنْقَعُ: فَلَا أُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِحَدِيثٍ يَنْطِقُ بِهِ كِتَابٌ، أَوْ جَرَتْ بِهِ سُنَّةٌ، نَكْذِبُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ، فَكَيْفَ بَعْدَ مَوْتِهِ