وإن كانت بائناً: فإن كان قد أبانها في الصحة، فلا تنتقل إلي عدة الوفاة، وإنما تكمل عدة الطلاق، وإن أبانها في مرض موته: فإن لم ترث منه لكونه غير متّهم بقصد حرمانها بأن سألته الطلاق ونحوه، لم تنتقل؛ بل تتم عدة الطلاق، وإن ورثت منه بكونه متهماً بقصد حرمانها، فإنها تعتد الأطول من عدة الوفاة والطلاق، لكن تبتدئ عدة الوفاة منذ مات؛ كما صرح به في ((شرح الإقناع)) ، فيما إذا طلق إحداهما بائناً، مبهمة أو معينة، ثم نسيها.
ولأن عدة الوفاة إنما تبتدئ من الموت لا قبل ذلك.
ولأن تعليلهم عدم انتقال المبانة بالصحة بكونها غير زوجة ولا في حكم الزوجة لعدم التوارث: يدل على أنه إذا ثبت الإرث، فإنها في حكم الزوجة، والزوجة تستأنف عدة الوفاة، والله أعلم.
فائدة
استشكل كون الوصية مقدمة على الورثة، بأنه كيف يكون ذلك مع أن الثلثين لابد من ثبوتهما للورثة؟
والجواب: أنه ليس معنى تقديم الوصية حرمان الورثة إطلاقاً، بل المراد: أنه لو فرضنا أنه أوصي بالثلث، وقد خلف الميت أختين من أم وأختين شقيقتين ونحو ذلك مما يكون للورثة فيه فروض تستغرق التركة، فإننا نقسم التركة في مثل هذا المثال على تسعة: للموصى له ثلاثة، ويبقى ستة، اثنان منها للأختين من الأم، وأربعة للأختين الشقيقتين، فيعطى الثلث من غير مزاحم، ويكون النقص على الورثة.
ولو قلنا بعد التقديم، لجعلنا أسهم التركة ثمانية: للموصى له اثنان، ولأختين لأم اثنان، وللشقيقتين أربعة.