وتكون لقطة واجبة التعريف، كلقطة لم يؤيس من وجود صاحبها؛ على ظاهر كلام: ((المنتهى)) وغيره.
والذي يظهر لي - والله أعلم-: أن الأمر ليس كذلك، وأن هذه اللقطة كسائر الأموال التي لا يرجى وجود أصحابها، كالعواري، والودائع، والغصوب، وغيرها، وقد ذكر الأصحاب: أنه يتصدق بها عن صاحبها مضمونة، وأن أحمد نص على جواز بيعها والتصدق بثمنها، أي: إذا لم تكن أثماناً، وأنه لا يجوز لمن هي في يده الأكل منها، وإن كان محتاجاً.
غير أن ابن رجب ذكر في ((القواعد)) (ص129) ، عن القاضي تخريجاً بجواز أكله إذا كان فقيراً على الروايتين في جواز شراء الوكيل من نفسه، وأفتى به الشيخ تقي الدين في الغاصب إذا تاب.
فعلى هذا: يكون حكم هذه اللقطة حكم تلك الأموال على الخلاف المذكور، وقول القاضي: ليس ببعيد، وربما يستأنس له بحديث المجامع في نهار رمضان؛ على أحد الاحتمالين في الحديث، وهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطاه كفارة نفسه، وأما على الاحتمال الثاني- وهو سقوطها عنه، لفقره، وهو أقرب- فلا شاهد فيه، ولكن تؤخذ من نصوص أخري. ويفرق بينها وبين مسألة المجامع: أن كفارة المجامع عن نفسه بخلاف ذاك، والله أعلم.
فائدة
قال ابن القيم- رحمه الله- في ((إعلام الموقعين)) (ص218ج3) :
ومن الحيل الباطلة: الحيلة على التخلص من الحنث بالخلع، ثم يفعل المحلوف عليه في حال البينونة، ثم يعود إلى النكاح، وهذه الحيلة باطلة شرعاً، وباطلة على أصول أئمة الأمصار. ثم ذكر وجه البطلان؛ وهذا ما يسميه العلماء- ومنهم أصحابنا- خلع الحيلة. وهو غير صحيح.