غيره من ذوى الفضل، فلاختصاصه بذلك اختص الحكم به في البداءة.
وأيضاً: فإن الله يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) (الحجرات: 1) ، فلا يمكن لأحد أن يتقدم بالأخذ قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا سيما أصحابه الذين هم اشد الناس توقيراً واحتراما له.
وأيضاً: فإنه يحتمل أن من جاء بالشراب إنما أراد به النبي صلى الله عليه وسلم أصالة دون غيره، ولكن لكرم النبي صلى الله عليه وسلم كان يعطى من معه.
وأيضاً: فإنه يحتمل أن يكون الذي طلبه أولاً هو النبي صلى الله عليه وسلم فيقدم، لأنه هو طالبه.
ومن أجل هذه الوجوه: صار فعله وأخذه الشراب لا يعارض ما أمر به من البداءة بالأيمن؛ لأن القاعدة الأصولية أن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعارض قوله لما يلابس الفعل من الاحتمالات.
ثم وجدت في ((صحيح البخاري)) ما يدل بصراحة على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد طلب الشراب، ففي (ص201ج5) المطبعة السلفية من ((الفتح)) عن أنس- رضي الله عنه- قال: ((أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في دارنا هذه، فاستسقي، فحلبنا له شاة لنا، ثم شُبْته من ماء بئرنا هذه، فأعطيته، وأبو بكر عن يساره، وعمر تجاهه، وأعرابي عن يمينه، فلما فرغ، قال عمر: هذا أبو بكر، فأعطى الأعرابي فضلةً، ثم قال: الأيمنون الأيمنون؛ ألا فيمنوا، قال أنس: فهي سنة، فهي سنة، ثلاث مرات)) (?) .
وفي حديث سهل بن سعد، ((أتي النبي صلى الله عليه وسلم بشراب، فشرب منه..)) الحديث في ((صحيح البخاري)) (?) ، هو ظاهر في أن المقصود به رسول