أسود حلو.
وأما تباين المقابلة: فهو أن يكون بين الحقيقتين غاية المنافاة حتى يستحيل اجتماعهما في محل واحد في وقت واحد، وهو أربعة أقسام:
الأول: تقابل النقيضين.
الثاني: تقابل الضدين.
الثالث: تقابل المتضايفين.
الرابع: تقابل العدم والملكة.
أما تقابل النقيضين: فهو تقابل السلب والإيجاب، أعني: النفي والإثبات؛ فالنقيضان أبداً أحدهما وجودي، والآخر عدمي، واجتماعهما مستحيل، وارتفاعهما مستحيل، ومثاله: الحركة والسكون، والضلال والهدى؛ (فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ) (يونس: 32) .
وأما تقابل الضدين: فهو التقابل بين أمرين وجوديين بينهما غاية المنافاة، لا يتوقف إدراك أحدهما على إدراك الآخر، واجتماعهما مستحيل، وارتفاعهما جائز؛ كالسواد والبياض: فإنه يستحيل أن تكون النقطة الواحدة من اللون بيضاء سوداء في وقت واحد، ويجوز ارتفاعهما عنها بأن تكون خضراء أو حمراء.
وأما تقابل المتضايفين: فهو التقابل بين أمرين وجوديين بينهما غاية المنافاة، لا يمكن إدراك أحدهما إلا بإضافة الآخر إليه؛ كالأبوة والبنوة، والفوق والتحت، والقبل والبعد، فإن كل ذات تثبت لها الأبوة لذات، استحالت عليها البنوة لتلك الذات التي هي أب لها؛ كاستحالة اجتماع السواد والبياض؛ فكون ولدك أباك مستحيل، ولا تدرك الأبوة إلا بإضافة البنوة إليها، كالعكس، وبهذا القيد حصل الفرق بين المتضايفين وبين الضدين.