(ص) : (مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أُتِيَ بِنِكَاحٍ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ إلَّا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فَقَالَ هَذَا نِكَاحُ السِّرِّ وَلَا أُجِيزُهُ وَلَوْ كُنْت تَقَدَّمْت فِيهِ لَرَجَمْت)
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَيَّامِ فَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ زَوَّجَ أُخْتَهُ أَوْ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ وَهِيَ مَعَهُ فِي الْبَلَدِ مُقِيمَةٌ ثُمَّ تُخَيَّرُ فَتَرْضَى؟ إنَّ مَالِكًا أَجَازَهُ وَإِذَا كَانَتْ ثَابِتَةً عِنْدَهُ فِي الْبَلَدِ فَلَمَّا عَلِمَتْ رَضِيَتْ لَمْ يَجُزْ هَذَا النِّكَاحُ قِيلَ لِسَحْنُونٍ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ مَعَهُ فِي الْبَلَدِ أَنْ يَكُونَا فِي حِصْنٍ وَاحِدٍ وَهِيَ بَعِيدَةٌ وَالْبَلَدُ يَجْمَعُهُمَا؟ فَقَالَ بَلْ فِي حِصْنٍ وَاحِدٍ أَوْ بَيْنَهُمَا قَرِيبٌ مِنْ الْبَرِيدِ وَالْيَوْمِ وَشِبْهِهِ وَالْقُلْزُمِ مِنْ مِصْرَ مَا هُوَ بِكَثِيرٍ وَبَيْنَهُمَا يَوْمَانِ أَذَا أَرْسَلَ إلَيْهَا فِي فَوْرِ ذَلِكَ فَأَجَازَتْ فَأَمَّا مِثْلُ الْإِسْكَنْدَرِيَّة وَأُسْوَانَ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ أَجَازَتْهُ وَقَالَهُ أَصْبَغُ فَالْخِلَافُ بَيْنَ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبِ وَقَوْلِ سَحْنُونٍ فِي مَوْضِعَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ شَرَطَ فِي صِحَّةِ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنْ الْبَلَدِ يُرِيد الْحِصْنَ الْوَاحِدَ أَوْ الْقَرْيَةَ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ سَحْنُونٌ وَجَوَّزَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنْهُ وَالثَّانِي ابْنُ حَبِيبٍ جَعَلَ الْيَوْمَ الْوَاحِدَ فِي حَيِّزِ الْكَثِيرِ الْمَانِعِ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ وَجَعَلَ سَحْنُونٌ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ فِي حَيِّزِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرُ الْخَمْسَةُ الْأَيَّامِ وَالثَّمَانِيَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) وَأَمَّا الْقَوْلَانِ فِي طَوِيلِ الْمُدَّةِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الَّذِي يُزَوِّجُ ابْنَتَهُ الثَّيِّبَ الْبَائِنَةَ عَنْهُ فَتَرْضَى إذَا بَلَغَهَا مَا فَعَلَ أَبُوهَا أَنَّهُ لَا يُقَامُ عَلَى ذَلِكَ النِّكَاحُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا بَعْدَهُ وَلِأَصْبَغَ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَالثَّانِي أَنَّهُمَا يُؤْمَرَانِ بِالْفَسْخِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا يُجْبَرَانِ عَلَيْهِ قَالَ أَصْبَغُ وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ فَقَالَ إنْ أَجَازَتْهُ جَازَ وَقَالَ أَيْضًا لَا أُحِبُّ الْمَقَامَ عَلَيْهِ وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ تَأْخِيرَ أَحَدِ طَرَفَيْ النِّكَاحِ عَنْ الْآخَرِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ يُوجِبُ فَسَادَهُ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْخِيَارِ الَّذِي يُنَافِي النِّكَاحَ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْمُعْتَادِ مِنْ إبْطَالِ أَحَدِ طَرَفَيْ الْعَقْدِ بِالْآخَرِ أَوْ مُقَارَنَتِهِ لَهُ وَوَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ فِي مَنْعِ الْجَبْرِ عَلَى الْفَسْخِ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَجْوِيزِ هَذَا النِّكَاحِ عَلَى كَرَاهِيَتِهِ وَذَلِكَ أَنَّ الْخِيَارَ الَّذِي يُنَافِي النِّكَاحَ إنَّمَا هُوَ الْخِيَارُ بَعْدَ وُجُودِ طَرَفَيْ النِّكَاحِ وَأَمَّا الْخِيَارُ بَعْدَ وُجُودِ أَحَدِ طَرَفَيْهِ لِمَنْ بِيَدِهِ الطَّرَفُ الْآخَرُ مِنْ الْإِيجَابِ أَوْ الْقَبُولِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُعَدَّى النِّكَاحُ مِنْهُ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ وُجُودُهُ دُونَهُ لَمْ تَصِحَّ مُنَافَاتُهُ لَهُ كَخِيَارِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ وَهِيَ ثَيِّبٌ فَكَرِهَتْ ذَلِكَ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَدَّ نِكَاحَهَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ الثَّيِّبَ إلَّا بِإِذْنِهَا وَرِضَاهَا وَهَذَا حُكْمُ الْأَبِ وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا سَفِيهَةً غَيْرَ مَالِكَةٍ أَمَّرَهَا فِي مَالِهَا فَإِنَّهَا تَمْلِكُ أَمْرَ نِكَاحِهَا وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَوْلِيَاءِ مَعَهَا لِأَنَّهُ إذَا كَانَ هَذَا حُكْمَ الْأَبِ الَّذِي يَمْلِكُ النَّظَرَ فِي مَالِهِ فَبِأَنْ لَا يَمْلِكَ غَيْرُهُ إجْبَارَهَا أَوْلَى، وَهَذَا الْجَبْرُ وَرَدَ فِي حُكْمِ «خَنْسَاءَ بِنْتِ خِذَامٍ كَانَتْ تَحْتَ أُنَيْسِ بْنِ قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ فَقُتِلَ عَنْهَا يَوْمَ أُحُدٍ فَزَوَّجَهَا أَبُوهَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِكَاحَهَا لَمَّا كَرِهَتْهُ وَنَكَحَتْ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدٍ الْخُدْرِيَّ» .
(ش) : قَوْلُهُ أُتِيَ بِنِكَاحٍ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ إلَّا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ يُرِيدُ أَنَّهُ انْفَرَدَ بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ وَلَمْ يَشْهَدْ بِهِ سِوَاهُمَا وَفِي هَذَا بَابَانِ أَحَدُهُمَا مُقَارَنَةُ الشَّهَادَةِ لِعَقْدِ النِّكَاحِ وَالثَّانِي ذِكْرُ مَنْ يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِ عَقْدُ النِّكَاحِ.
(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مُقَارَنَةِ الشَّهَادَةِ لِعَقْدِ النِّكَاحِ) أَمَّا مُقَارَنَةُ الشَّهَادَةِ لِعَقْدِ النِّكَاحِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ الْأَفْضَلُ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي عَدِّ ذَلِكَ عِنْدَنَا شَرْطًا فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ وَيَجُوزُ عِنْدَنَا أَنْ يَنْعَقِدَ النِّكَاحُ بِغَيْرِ شَهَادَةٍ ثُمَّ يَقَعُ الْإِشْهَادُ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَمِنْ الْمُحَدِّثِينَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِي وَزَيْدُ بْنُ هَارُونَ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ أَوْ أَعْمَيَيْنِ أَوْ مَحْدُودَيْنِ