(ص) : (مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُجَمِّعِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ حَارِثَةَ الْأَنْصَارِيِّ «عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِذَامٍ الْأَنْصَارِيَّةِ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ فَكَرِهَتْ ذَلِكَ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَدَّ نِكَاحَهَا» )
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَزَوَّجَهَا وَالْبِنْتَ الْأُخْرَى مِلْكُ الزَّوْجِ بِالنِّكَاحِ وَمَلَكَتْهُ الْأُخْرَى لِأَنَّهُ بَعْضُ مَهْرِهَا وَذَلِكَ يَمْنَعُ صِحَّةَ النِّكَاحِ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ قَدْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبُضْعَيْنِ مَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا فَخَرَجَ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ عِوَضًا مِنْهُ فَصَحَّ الْعَقْدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِرِوَايَةِ الْمَنْعِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِيقَةِ الشَّغَارِ إذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَنَّ فِي الْعَقْدِ مَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا وَشَرْطًا يَكُونُ مَعَهُ مَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا فَدَخَلَ الْفَسَادُ بِذَلِكَ فِي الْمَهْرِ وَحُكْمُ ذَلِكَ أَنْ يُفْسَخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتَ بَعْدَهُ وَأَمَّا إذَا عَرَا عَنْ الْمَهْرِ فَالْفَسَادُ فِي الْعَقْدِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ سَمَّى لِإِحْدَاهُمَا مَهْرًا وَلَمْ يُسَمِّ لِلْأُخْرَى مَهْرًا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ أُزَوِّجُك ابْنَتِي بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَك دُونَ مَهْرٍ فُسِخَ الْعَقْدَانِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ عَقْدُ الَّتِي لَمْ يُسَمَّ لَهَا مَهْرٌ وَيَثْبُتُ عَقْدُ الْأُخْرَى وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الَّتِي سُمِّيَ لَهَا مَهْرٌ وَاَلَّتِي لَمْ يُسَمَّ لَهَا مَهْرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْفَسَادُ دَخَلَ فِي النِّكَاحِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ وَلِفَسَادِ الْمَهْرِ فَأَمَّا فَسَادُ الْعَقْدِ فَمِثْلُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَنِكَاحِ الشِّغَارِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَإِذَا تَعَلَّقَ الْفَسَادُ بِالنِّكَاحِ لِعَقْدِهِ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَوَجَبَ فِيهِ بِالدُّخُولِ الْمَهْرُ الْمُسَمَّى وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي النِّكَاحِ الَّذِي يَنْعَقِدُ عَلَى الْخِيَارِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَالثَّانِيَةُ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ وَالْفَسَادُ فِي هَذَا النِّكَاحِ مِنْ جِهَةِ الْعَقْدِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى رَاوِيَتَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ وَالشِّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ ابْنَتَهُ، ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْحَدِيثِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ حَتَّى يَرِدَ مَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ الرَّاوِي وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَالشِّغَارُ فِي الْأُخْتَيْنِ كَالشَّغَارِ فِي الِابْنَتَيْنِ وَالْأَمَتَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالِابْنَتَيْنِ الْبِكْرَيْنِ وَهُمَا مَنْ لَا يُعْتَبَرُ بِرِضَاهُ فِي النِّكَاحِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ وَأَمَّا مَنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهُ فَلَا يَدْخُلُهُ الشِّغَارُ وَإِنَّمَا هِيَ كَاَلَّتِي تَتَزَوَّجُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إثْبَاتُ حُكْمِ الشِّغَارِ فِي الْمَوْلَاتَيْنِ وَالْمَوْلَاتَانِ لَا يُجْبَرَانِ عَلَى النِّكَاحِ وَلَوْ سَلِمَ لَهُ مَا قَالَهُ لَلَزِمَهُ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ نِكَاحِ الشَّغَارِ وَبَيْنَ النِّكَاحِ بِغَيْرِ صَدَاقٍ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي فَسْخِ نِكَاحِ الشَّغَار بَعْدَ الْبِنَاءِ مَوْجُودٌ كَمَا هُوَ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ فَكَرِهَتْ ذَلِكَ يُرِيدُ أَنَّ أَبَاهَا عَقَدَ نِكَاحَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ دُونَ أَنْ يَسْتَأْذِنَهَا وَذَلِكَ يَكُونُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَعْقِدَ نِكَاحَهَا وَيُوقِفَهُ عَلَى إجَازَتِهَا وَالثَّانِي أَنْ يَعْقِدَ نِكَاحَهَا وَيُلْزِمَهَا إيَّاهُ وَإِنْ كَرِهَتْ ذَلِكَ فَأَمَّا النِّكَاحُ الْمَوْقُوفُ فَقَدْ حَكَى الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ أَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ اخْتَلَفَ فِيهِ فَأَجَازَهُ مَرَّةً إذَا أُجِيزَ بِالْقُرْبِ.
وَقَالَ مَرَّةً أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ يَنْعَقِدُ وَيَقِفُ عَلَى الْإِجَازَةِ فَإِنْ وُجِدَتْ الْإِجَازَةُ صَحَّ وَنَفَذَ وَإِنْ لَمْ تَقَعْ الْإِجَازَةُ بَطَلَ كَقَوْلِنَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ الْمَوْقُوفُ بِوَجْهٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ جَوَازِ النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ كَوْنَ النِّكَاحِ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ مُجِيزٍ لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ أَصْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى الْقَبُولِ وَدَلِيلٌ ثَانٍ أَنَّ هَذَا عَقْدٌ يَصِحُّ أَنْ يَقِفَ عَلَى الْفَسْخِ فَجَازَ أَنْ يَقِفَ عَلَى الْإِجَازَةِ كَعَقْدِ الْوَصِيَّةِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ فَصِفَةُ النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنْ يَعْقِدَ الْوَلِيُّ عَلَى وَلِيَّتِهِ وَيَشْتَرِطَ إجَازَتَهَا وَيَذْكُرَ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْذِنْهَا