نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ وَمَا أَشْبَهَهُ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ «أَنَّ رِفَاعَةَ بْنَ سَمَوْأَلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَمِيمَةَ بِنْتَ وَهْبٍ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثًا فَنَكَحَتْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ فَاعْتَرَضَ عَنْهَا فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَمَسَّهَا فَفَارَقَهَا فَأَرَادَ رِفَاعَةُ أَنْ يَنْكِحَهَا وَهُوَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ الَّذِي كَانَ طَلَّقَهَا فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَهَاهُ عَنْ تَزْوِيجِهَا وَقَالَ: لَا تَحِلُّ لَك حَتَّى تَذُوقَ الْعُسَيْلَةَ»
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هَذِهِ شُرُوطٌ لَمْ يَلْتَزِمْ النَّاكِحُ فِيهَا يَمِينًا فَكَانَ لَهُ إمْضَاءُ النِّكَاحِ وَإِطْرَاحُهَا كَمَا لَوْ لَمْ تُعَلَّقْ الشُّرُوطُ بِنِكَاحٍ وَلَا عِتْقٍ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَرِهَ الزَّوْجُ الْتِزَامَهَا خُيِّرَتْ الزَّوْجَةُ بَيْنَ إسْقَاطِهَا وَاسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ وَالْمُطَالَبَةِ بِهَا وَإِبْطَالِ النِّكَاحِ فَإِنْ أَسْقَطَتْ الشُّرُوطَ لَزِمَهُ النِّكَاحُ دُونَ شَرْطٍ وَإِنْ لَمْ تُسْقِطْهَا فَارَقَ وَهَذَا إذَا كَانَتْ مَالِكَةً أَمْرَهَا فَقَدْ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ذَلِكَ إلَى وَلِيِّهَا فِي إسْقَاطِ الشُّرُوطِ وَالْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ وَفِي هَذَا الَّذِي قَالَهُ عِنْدِي نَظَرٌ لِأَنَّ الْوَلِيَّ إنْ كَانَ وَصِيًّا فَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَنْظُرَ فِي مَالِهَا وَاخْتِيَارُ الْكُفُؤِ لَهَا، وَأَمَّا فِي الْقَسْمِ وَالتَّمْلِيكِ لَهَا فَلَا نَظَرَ لَهُ فِيهِ وَأَمَّا إنْ كَانَ غَيْرَ وَصِيٍّ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ إلَّا بِاخْتِيَارِ الْكُفُؤِ وَلَوْ رَضِيَتْ هِيَ بِالنِّكَاحِ بِغَيْرِ شَرْطٍ لَمَا كَانَ لَهُ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ أَبَتْ النِّكَاحَ إلَّا بِشُرُوطٍ لَمَا كَانَ لَهُ إطْلَاقُ ذَلِكَ وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي رِضَاهَا بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَإِنْ كَانَ مَالًا فَكَيْفَ بِمَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْمَالِ؟ .
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فِي الَّذِي يُخَيِّرُ زَوْجَتَهُ قَبْلَ بُلُوغِهَا وَقَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَهُوَ طَلَاقٌ.
(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَهَلْ تَكُونُ فُرْقَتُهُمَا بِالْإِبَانَةِ فَسْخًا أَوْ طَلَاقًا الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ طَلَاقٌ وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّهُ فَسْخٌ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ هَذِهِ فُرْقَةٌ مَصْرُوفَةٌ إلَى اخْتِيَارِ الزَّوْجِ فَكَانَتْ طَلَاقًا، أَصْلُ ذَلِكَ إذَا طَلَّقَ ابْتِدَاءً وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هَذِهِ فُرْقَةٌ تَثْبُتُ لِعَدَمِ التَّرَاضِي فَكَانَتْ فَسْخًا أَصْلُ ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ وَهَلْ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ رَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ.
وَقَالَ أَصْبَغُ لَا شَيْءَ لَهَا مِنْهُ وَاخْتَارَهُ مُحَمَّدٌ قَالَا إلَّا أَنْ تَكُونَ أَسْقَطَتْ الشُّرُوطَ وَطَلَّقَ وَأَطْلَقَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِالشُّرُوطِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ.
(فَرْعٌ) فَإِنْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْعِلْمِ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْعَطَّارِ لَا تَنْفَعُهُ وَالشَّرْطُ يَلْزَمُهُ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا تَرَكَتْ التَّحَرُّزَ وَالِاسْتِيثَاقَ حِينَ أَسْلَمَتْ نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِ تَوْقِيفِهِ عَلَى الشُّرُوطِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ دُخُولَهُ رِضًا بِمَا عَقَدَ عَلَيْهِ لِتَرْكِهِ التَّحَرُّزَ وَالنَّظَرَ فِيمَا عَقَدَ عَلَيْهِ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ عَلِمَ.
1 -
(فَرْعٌ) وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الزَّوْجُ عَقَدْتُ عَلَى الشُّرُوطِ وَأَنَا صَغِيرٌ وَقَالَتْ الزَّوْجَةُ أَوْ الْوَلِيُّ عَقَدَتْ وَأَنْتَ كَبِيرٌ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الزَّوْجِ الْبَيِّنَةُ وَإِلَّا حَلَفَ الْوَلِيُّ لِأَنَّهُ كَانَ الْعَاقِدُ لِلنِّكَاحِ وَلَزِمَتْ الزَّوْجَ الشُّرُوطُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ انْعِقَادَ النِّكَاحِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ فِيهِ مَا يُوجِبُ الْخِيَارَ فِي حِلِّهِ فَهُوَ مُدَّعٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ وَمَا أَشْبَهَهُ]
(ش) : رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَجَمَاعَةٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّإِ الزَّبِيرُ بِفَتْحِ الزَّايِ فِيهِمَا وَقَالَ ابْنُ بُكَيْر الْأَوَّلُ بِالضَّمِّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ وَعَبْدُ الْغَنِيِّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْحُفَّاظِ هُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَاطِيَا الْيَهُودِيُّ الْقُرَظِيّ قُتِلَ الزَّبِيرُ يَوْمَ قُرَيْظَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَاَلَّذِي وَقَعَ فِي رِوَايَتِي مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِضَمِّ الزَّايِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَصْلٌ) :
قَوْلُهُ «إنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا» يَحْتَمِلُ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ أَنْ يُوقِعَهَا فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُوقِعَهَا فِي ثَلَاثِ مَرَّاتٍ يُطَلِّقُ ثُمَّ يَرْتَجِعُ ثُمَّ يُطَلِّقُ غَيْرَ أَنَّ إيقَاعَهَا عِنْدَ مَالِكٍ فِي مَرَّةٍ غَيْرُ جَائِزٍ وَسَيَرِدُ