[إرخاء الستور]

إرْخَاءُ السُّتُورِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَضَى فِي الْمَرْأَةِ إذَا تَزَوَّجَهَا الرَّجُلُ أَنَّهُ إذَا أُرْخِيَتْ السُّتُورُ فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَانَ يَقُولُ إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ فَأُرْخِيَتْ عَلَيْهِمَا السُّتُورُ فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ) .

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ كَانَ يَقُولُ إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا صُدِّقَ عَلَيْهَا فَإِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ صُدِّقَتْ عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ أَرَى ذَلِكَ فِي الْمَسِيسِ إذَا دَخَلَ عَلَيْهَا فِي بَيْتِهَا فَقَالَتْ قَدْ مَسَّنِي وَقَالَ لَمْ أَمَسَّهَا صُدِّقَ عَلَيْهَا فَإِنْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْإِيجَابِ تَغْلِيظًا وَعُقُوبَةً وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ احْتِيَاطًا وَخُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فَإِنْ وَقَعَ الدُّخُولُ لَمْ يَفْسُدْ لِأَنَّ الصَّدَاقَ قَدْ وَجَبَ فَلَا يُوجَدُ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ رَدْعًا يُرِيدُ أَنَّهُ يَكُونُ الرُّجُوعُ بِمَا يَلْزَمُ مِنْ الطَّلْقَةِ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ رَجَعَتْ إلَيْهِ عَلَى طَلْقَتَيْنِ وَقَوْلُهُ فِي وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ إنَّهُ إذَا وَقَعَ الدُّخُولُ وَجَبَ الصَّدَاقُ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ فَلَمْ يُفْسَخْ يَطْرُدُ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ الْفَسْخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَاجِبٌ بِفَسَادِ الْمَهْرِ فَلَمَّا انْتَقَلَ بِالْبِنَاءِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ صَحَّ وَعَرَا النِّكَاحُ عَنْ فَسَادِ الْمَهْرِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّ الْفَسْخَ وَاجِبٌ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَإِنَّمَا ذَهَبَ إلَى الِاسْتِحْبَابِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا حِينَ أَلْزَمَهُمْ الْمُخَالِفُ أَنَّ الْعَقْدَ إنْ كَانَ انْعَقَدَ عَلَى الْفَسَادِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ بِالْبِنَاءِ وَمَا قَالَهُ الْمُتَقَدِّمُونَ جَازَ عَلَى قَوْلِهِمْ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لِفَسَادِ الْعِوَضِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْفَوَاتِ وَلَا يُفْسَخُ بَعْدَ الْفَوَاتِ وَمَا قَالَهُ الْمُخَالِفُ غَيْرُ لَازِمٍ وَقَدْ بَيَّنْتُهُ فِي كِتَابِ السِّرَاجِ بِمَا يُغْنِي النَّاظِرَ فِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ.

[إرْخَاءُ السُّتُورِ]

(ش) : قَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذَا أُرْخِيَتْ السُّتُورُ فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ يُرِيدُ إذَا خَلَا الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ وَانْفَرَدَ انْفِرَادًا بَيِّنًا فَقَدْ وَجَبَ إكْمَالُ الصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ وَظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ يَقْتَضِي أَنَّ بِالْخَلْوَةِ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ إكْمَالُ الصَّدَاقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَسِيسُ غَيْرَ أَنَّ مَعْنَاهُ عِنْدَ مَالِكٍ فِيمَا رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّهُ أُرِيدَ بِالْحَدِيثِ إذَا أُرْخِيَتْ السُّتُورُ الْخَلْوَةُ وَأُرِيدَ بِقَوْلِهِ فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ الْمَسِيسَ بِمَعْنَى أَنَّ الْخَلْوَةَ شَهَادَةٌ لَهَا جَارِيَةٌ أَنَّ الرَّجُلَ مَتَى خَلَا بِامْرَأَتِهِ أَوَّلَ خَلْوَةٍ مَعَ الْحِرْصِ عَلَيْهِ وَالتَّشَوُّفِ إلَيْهَا فَإِنَّهُ قَلَّمَا يُفَارِقُهَا قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهَا فَهَذَا الَّذِي أَرَادَ بِقَوْلِهِ فَقَدْ وَجَبَ الصَّدَاقُ وَلَمْ يُرِدْ أَنَّ الصَّدَاقَ يَجِبُ بِنَفْسِ الْخَلْوَةِ وَإِنْ عَرَا مِنْ الْمَسِيسِ قَالَ وَقَدْ أَحْكَمَ كِتَابُ اللَّهِ هَذَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَابْنُ حَبِيبٍ وَبِهَذَا قَالَ مِنْ الصَّحَابَةِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَزَادَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَطَاوُسٌ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُكْمِلُ الصَّدَاقَ بِنَفْسِ الْخَلْوَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَبِهِ قَالَ مِنْ الصَّحَابَةِ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ عُمَرَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَمِنْ التَّابِعِينَ الزُّهْرِيُّ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ عُمَرَ وَزَيْدٍ فَقَدْ بَيَّنَّا تَأْوِيلَ مَالِكٍ لَهُمَا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ عَلِيٍّ يَحْتَمِلُ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ التَّأْوِيلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] وَهَذَا قَدْ طَلَّقَ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذِهِ خَلْوَةٌ عَرِيَتْ عَنْ الْمُتْعَةِ فَلَا يَجِبُ بِهَا كَمَالُ الصَّدَاقِ أَصْلُهُ إذَا كَانَ بِمَحْضَرِ الْحُكْمِ أَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُحْرِمًا أَوْ صَائِمًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015