. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQجَلَّ وَعَزَّ {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} [النساء: 12] وَأَمَّا الصَّدَاقُ فَلَا صَدَاقَ لَهَا وَبِهِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَمِنْ التَّابِعِينَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَجَمَاعَةٌ سِوَاهُمْ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَهَا الصَّدَاقُ وَهُوَ قَوْلٌ ثَانٍ لِلشَّافِعِيِّ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ مَا لَا يَجِبُ لَهَا بِالطَّلَاقِ شَيْءٌ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ لَهَا بِالْمَوْتِ جَمِيعُهُ أَصْلُ ذَلِكَ مَا زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى وَعَكْسُهُ الْمُسَمَّى لِمَا وَجَبَ لَهَا بِالطَّلَاقِ نِصْفُهُ وَجَبَ لَهَا بِالْمَوْتِ جَمِيعُهُ وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الْمَهْرِ فِي الْمَرَضِ فَلَا يَصِحُّ وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْهُ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فِي مَرَضِهِ فَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ تَسْمِيَةِ الْمَهْرِ فِي صِحَّتِهِ لَكَانَ ذَلِكَ لِلزَّوْجَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا قُلْنَا إنَّهُ يَجِبُ نِصْفُهُ بِالطَّلَاقِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
وَأَمَّا أَنَّهُ إذَا دَخَلَ بِهَا بَعْدَ أَنْ سَمَّى لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَإِنَّ لَهَا ذَلِكَ كُلَّهُ بِالْمَسِيسِ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ التَّسْمِيَةِ وَجَبَ لَهَا بِالْمَسِيسِ مَهْرُ الْمِثْلِ رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنَّهُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ وَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْمَسِيسِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مَا عَقَدَ عَلَيْهِ مِنْ الْبُضْعِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ لِعِوَضٍ فَوَجَبَ أَنْ تَلْزَمَهُ قِيمَتُهُ وَذَلِكَ مَهْرُ الْمِثْلِ.
ِ أَمَّا مَا يُعْتَبَرُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ أَرْبَعُ صِفَاتٍ: الدِّينُ وَالْجَمَالُ وَالْمَالُ وَالْحَسَبُ وَمِنْ شَرْطِ التَّسَاوِي مَعَ ذَلِكَ الْأَزْمِنَةُ وَالْبِلَادُ فَمَنْ سَاوَاهَا فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ رُدَّتْ إلَيْهَا فِي مَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَقَارِبِهَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُعْتَبَرُ مِنْهَا عَصَبَتُهَا فَقَطْ وَهُنَّ أَخَوَاتُهَا وَبَنَاتُ أَعْمَامِهَا وَكُلُّ مَنْ يَرْجِعُ بِالِانْتِسَابِ بَيْنَهُمَا إلَى التَّعْصِيبِ وَحَكَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْهَا قَوْمُهَا اللَّوَاتِي مَعَهَا فِي عَشِيرَتِهَا فَدَخَلَ فِيهَا سَائِرُ الْعَصَبَاتِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْخَالَاتِ دُونَ الْأَجَانِبِ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يُعْتَبَرُ بِذَوَاتِ الْأَرْحَامِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يُنْكَحُ النِّسَاءُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك» .
فَوَجْهُ الدِّينِ مِنْ الْحَدِيثِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّسَاءِ فِي النِّكَاحِ هَذِهِ الصِّفَاتُ فَوَجَبَ أَنْ يَزِيدَ الْمَهْرَ وَيَنْقُص بِحَسَبِ هَذِهِ الْمَعَانِي الْمَقْصُودَةِ وَلَا يَقْصُرُ ذَلِكَ عَلَى الْحَسَبِ دُونَ غَيْرِهِ وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَضَّ عَلَى ذَاتِ الدِّينِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الِاعْتِبَارُ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ أَوْلَى وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذِهِ زَوْجَةٌ فَوَجَبَ أَنْ يُعْتَبَرَ فِي مَهْرِ مِثْلِهَا مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ حَالِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ قَوْمِهَا كَاَلَّتِي لَا عَشِيرَةَ لَهَا.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَمَاتَ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا فَابْتَغَتْ أُمُّهَا صَدَاقَهَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَيْسَ لَهَا صَدَاقٌ وَلَوْ كَانَ لَهَا صَدَاقٌ لَمْ نَمْسِكْهُ وَلَمْ نَظْلِمْهَا يُرِيدُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ مَوْتَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ فَرْضِ الصَّدَاقِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ لَا يُوجِبُ مَهْرًا وَلَوْ أَوْجَبَ مَهْرًا لَمْ يُمْسِكْهُ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى عِلْمِهِ وَدِينِهِ وَفَضْلِهِ وَلَمْ يَرْضَ بِظُلْمِ أَحَدٍ فَكَيْفَ بِظُلْمِ ابْنَةِ أَخِيهِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَأَبَتْ أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ عَلِمَتْ بِالِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فَلِذَلِكَ لَمْ تَقْبَلْ قَوْلَهُ فَحَكَّمَا بَيْنَهُمَا زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ لِتَقَدُّمِهِ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالْفَضْلِ وَلَعَلَّهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانَ الَّذِي يُرْجَعُ إلَى قَوْلِهِ فِي الْفَتْوَى وَيُؤْخَذُ بِفَتْوَاهُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فَقَضَى بِأَنَّ لَهَا الْمِيرَاثَ دُونَ الصَّدَاقِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ «عَنْ عَلْقَمَةَ أَتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَسْأَلُ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا وَلَمْ يَمَسَّهَا حَتَّى