. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُنَا أَنَّهَا لَا تَنْكِحُ نَفْسَهَا فَهُوَ قَوْلُنَا وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تَعْقِدُ الْمَرْأَةُ نِكَاحَهَا وَتَكُونُ وَلِيًّا لِغَيْرِهَا إذَا كَانَتْ عَاقِلَةً رَشِيدَةً وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 232] فَلَنَا مِنْ الْآيَةِ دَلِيلَانِ الظَّاهِرُ وَالسَّبَبُ فَأَمَّا الظَّاهِرُ فَإِنَّهُ تَعَالَى نَهَى الْأَوْلِيَاءَ عَنْ مَنْعِ النِّسَاءِ النِّكَاحَ عِنْدَ بُلُوغِ الْأَجَلِ فَلَوْلَا أَنَّ الْوِلَايَةَ لِلرَّجُلِ فِي الْعَقْدِ لَمَا صَحَّ الْعَضْلُ وَالْمَنْعُ مِنْ النِّكَاحِ كَمَا لَا يَصِحُّ مَنْعُهُنَّ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِهِنَّ وَأَمَّا السَّبَبُ فَهُوَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ عَنْ يُونُسَ «عَنْ الْحَسَنِ {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232] قَالَ حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ نَزَلَتْ فِيهِ قَالَ: زَوَّجْت أُخْتِي لِرَجُلٍ فَطَلَّقَهَا حَتَّى إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا جَاءَ يَخْطُبُهَا فَقُلْت لَهُ زَوَّجْتُك وَقَدَّمْتُك وَأَكْرَمْتُك فَطَلَّقْتهَا ثُمَّ جِئْت تَخْطُبُهَا لَا وَاَللَّهِ لَا تَعُودُ إلَيْك أَبَدًا، وَكَانَ رَجُلًا لَا بَأْسَ بِهِ وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تُرِيدُ أَنْ تَرْجِعَ إلَيْهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْآيَةَ {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232] قُلْت الْآنَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَزَوَّجَهَا إيَّاهُ» وَالرَّجُلُ الْمَذْكُورُ هُوَ فَثَبَتَ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْعَضْلَ هُوَ أَنْ يُمْنَعَ مِنْ إنْكَاحِهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ مَنْعًا لَهَا مِنْ النِّكَاحِ وَإِلَّا لَمْ تَحْتَجْ الْمَرْأَةُ وَهِيَ تُرِيدُ زَوْجَهَا إلَى إنْكَاحِ مَعْقِلٍ لَهَا كَمَا لَمْ يَكُنْ يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِيمَا تُرِيدُ مِنْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ مَا رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَالْمَهْرُ لَهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا وَإِنْ تَشَاجَرَا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ الْمَرْأَةَ نَاقِصَةٌ مِنْ جِهَةِ الْأُنُوثَةِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَنْفُذَ مِنْهَا عَقْدُ النِّكَاحِ أَصْلُهُ الصَّغِيرَةُ وَالْأَمَةُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ فَالْوِلَايَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ خَاصَّةً وَعَامَّةً فَالْخَاصَّةُ عَلَى قِسْمَيْنِ وِلَايَةُ نَسَبٍ وَوِلَايَةُ حُكْمٍ فَأَمَّا وِلَايَةُ النَّسَبِ فَهِيَ لِكُلِّ عَاصِبٍ لِلْمَرْأَةِ كَالِابْنِ وَالْأَبِ وَالْأَخِ وَابْنِ الْأَخِ وَالْجَدِّ وَالْعَمِّ وَابْنِ الْعَمِّ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ إذَا كَانَ لَهُ تَعْصِيبٌ وَكُلُّ مَنْ لَهُ عَلَيْهَا وَلَاءٌ مِنْ الرِّجَالِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْمَوْلَى مِنْ الْعُصْبَةِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ فِي تَفْرِيعِهِ وَالْمَوْلَى مِنْ أَسْفَلَ يَعْقِدُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَعْصِيبٌ.
(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ بِالنَّسَبِ عَلَى نَوْعَيْنِ قَرَابَةٌ قَرِيبَةٌ وَقَرَابَةٌ لَيْسَتْ بِقَرِيبَةٍ فَالْقَرَابَةُ الْقَرِيبَةُ كَالِابْنِ وَبَنِيهِ وَالْأَبِ وَآبَائِهِ وَالْإِخْوَةِ وَبَنِيهِمْ وَالْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ دَنِيَّةٌ وَأَوْلَاهُمْ بِذَلِكَ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ الِابْنُ ثُمَّ الْأَبُ وَوَجَدْت فِي بَعْضِ الْكُتُبِ عَنْ الْمَدَنِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْأَبَ أَوْلَى مِنْ الِابْنِ وَهَذَا أَحَدُ أَقْوَالِ أَبِي حَنِيفَةَ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الِابْنَ أَقْوَى تَعْصِيبًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ أَحَقُّ مِنْ الْأَبِ بِالْوَلَاءِ الَّذِي يُسْتَفَادُ بِالتَّعْصِيبِ وَبِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ تَعْصِيبُهُمَا بَطَل تَعْصِيبُ الْأَبِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الِابْنَ لَا يَنْتَسِبُ إلَيْهِ وَلَا يَنْتَسِبَانِ إلَى شَخْصٍ وَالْأَبُ يَنْتَسِبُ إلَيْهِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْجَدَّ أَحَقُّ بِالْمِيرَاثِ مِنْ الْإِخْوَةِ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِالْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ فَالِابْنُ وَابْنُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ أَحَقُّ مِنْ الْأَبِ ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ ثُمَّ الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ هَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ.
وَرُوِيَ عَنْ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ قَالَ الْجَدُّ أَوْلَى مِنْ الْإِخْوَةِ وَهُوَ عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ ثُمَّ بَعْدَ الْإِخْوَةِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْجَدُّ ثُمَّ الْعَمُّ ثُمَّ ابْنُ الْعَمِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُصْبَةً فَالْمَوْلَى مَنْ فَوْقُ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ تَسَاوَوْا فِي الْقُعْدَدِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ ذَلِكَ إلَى أَفْضَلِهِمْ وَإِنْ تَسَاوَوْا فِي الْفَضْلِ فَإِلَى أَسَنِّهِمْ فَإِنْ تَسَاوَوْا فِي ذَلِكَ فَإِلَى جَمِيعِهِمْ يَجْتَمِعُونَ فَيَعْقِدُونَ عَلَيْهَا وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُمْ إذَا اخْتَلَفُوا وَهُمْ فِي الْقُعْدَدِ سَوَاءٌ رَفَعَ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ فَيَنْظُرُ فِيهِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ يُرِيدُ أَنَّ الْوَلِيَّيْنِ إذَا اسْتَوَيَا فَمَنْ رَضِيَتْ هِيَ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ دُونَ السُّلْطَانِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَالَ إنْ اخْتَلَفُوا وَهُمْ فِي الْقُعْدَدِ سَوَاءٌ