(ص) : (مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ» مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ» قَالَ مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا نَرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَا يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَتَرْكَنُ إلَيْهِ وَيَتَّفِقَانِ عَلَى صَدَاقٍ وَاحِدٍ مَعْلُومٍ وَقَدْ تَرَاضَيَا فَهِيَ تَشْتَرِطُ عَلَيْهِ لِنَفْسِهَا فَتِلْكَ الَّتِي نَهَى أَنْ يَخْطُبَهَا الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ وَلَمْ يَعْنِ بِذَلِكَ إذَا خَطَبَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَلَمْ يُوَافِقْهَا أَمْرُهُ وَلَمْ تَرْكَنْ إلَيْهِ أَنْ لَا يَخْطُبَهَا أَحَدٌ فَهَذَا بَابُ فَسَادٍ يَدْخُلُ عَلَى النَّاسِ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ النِّكَاحِ] [مَا جَاءَ فِي خِطْبَةِ النِّسَاءِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) كِتَابُ النِّكَاحِ مَا جَاءَ فِي خِطْبَةِ النِّسَاءِ الْخِطْبَةُ بِكَسْرِ الْخَاءِ مَا يُورَدُ مِنْ الْخَطْبِ فِي اسْتِدْعَاءِ النِّكَاحِ وَالْإِجَابَةِ إلَيْهِ وَهُوَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْخُطْبَةُ بِضَمِّ الْخَاءِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ الْخِطْبَةُ فِيمَا لَهُ أَوَّلُ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْخِطْبَةَ بِكَسْرِ الْخَاءِ مَا يَجْرِي مِنْ الْمُرَاجَعَةِ وَالْمُحَاوَلَةِ لِلنِّكَاحِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ غَيْرُ مُقَدَّرٍ وَلَا يَتَعَيَّنُ لَهُ أَوَّلٌ وَلَا آخِرُ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي كُلِّ مَا يُسْتَدْعَى بِهِ النِّكَاحُ مِنْ الْقَوْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُؤَلَّفًا عَلَى نَظْمِ الْخُطَبِ فَيُقَالُ فُلَانٌ يَخْطُبُ فُلَانَةَ إذَا اسْتَدْعَى نِكَاحَهَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ لَفْظٌ يُسَمَّى خِطْبَةً وَيَدُلُّ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ» وَلَمْ يَعْنِ بِالْخِطْبَةِ الْكَلَامَ الْمُؤَلَّفَ الَّذِي يُؤْتَى بِهِ عِنْدَ انْعِقَادِ النِّكَاحِ وَإِنَّمَا أَرَادَ مَا يَتَرَاجَعُ بِهِ الْقَوْلُ عِنْدَ مُحَاوَلَةِ ذَلِكَ وَمُرَاوَضَتِهِ وَالْخِطْبَةُ فِي اسْتِدْعَاءِ النِّكَاحِ مَشْرُوعَةٌ قَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ وَهِيَ مِنْ الْأَمْرِ الْقَدِيمِ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَعَلَى ذَلِكَ جَمِيعُ الْفُقَهَاءِ وَقَالَ دَاوُد هِيَ وَاجِبَةٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلَّذِي لَمْ يَجِدْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ قَدْ مَلَّكْتُكهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ» .
(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ نَهَى أَنْ يَخْطُبَ امْرَأَةً قَدْ خَطَبَهَا أَخُوهُ الْمُسْلِمُ وَرَضِيَتْ بِهِ وَوَافَقَتْهُ عَلَى صَدَاقٍ مَعْلُومٍ» وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّ لَهُ أَنْ يَخْطُبَ مَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى صَدَاقٍ مَعْلُومٍ عَلَى رِوَايَةِ الْمُوَطَّإِ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَمُطَّرِفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَظْهَرَتْ الرِّضَا بِالرَّجُلِ فَقَدْ نُهِيَ غَيْرُهُ عَنْ أَنْ يَخْطُبَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى صَدَاقٍ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّ الْمُوَافَقَةَ لَمْ تَكْمُلْ بَعْدُ وَإِنَّمَا تَكْمُلُ بِالتَّفْوِيضِ أَوْ بِفَرْضِ الصَّدَاقِ وَذَلِكَ أَنَّ كَثْرَةَ الصَّدَاقِ قَدْ تُرَغِّبُهَا فِيمَنْ تَزْهَدُ فِيهِ كَمَا أَنَّ قِلَّتَهُ قَدْ تُزَهِّدُهَا فِيمَنْ تَرْغَبُ فِيهِ وَهُوَ عِوَضُ بُضْعِهَا وَمُعْظَمُ مَا يَبْذُلُهُ زَوْجُهَا وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَنَّ ذِكْرَ الصَّدَاقِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْعَقِدُ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَتِهِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ وَوُجِدَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْمُوَافَقَةِ وَإِظْهَارِ الرِّضَا فَقَدْ مُنِعَ غَيْرُ ذَلِكَ الرَّجُلِ مِنْ خِطْبَتِهَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْإِيجَابُ بَعْدُ وَهَذَا مَعَ تَكَافُؤِ حَالَتَيْ الرَّجُلَيْنِ فِي الدِّينِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْأَوَّلُ غَيْرَ مَرَضِيِّ الدِّينِ وَكَانَ الثَّانِي مَرْضِيًّا فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنِّي لَا أَرَى عَلَى مَنْ دَخَلَ فِي مِثْلِ هَذَا شَيْئًا وَلَا أَرَى الْحَدِيثَ إلَّا فِي الرَّجُلَيْنِ الْمُتَقَارِبَيْنِ وَأَمَّا صَالِحٌ وَفَاسِقٌ فَلَا.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ خَطَبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ فَقَدْ رَوَى سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ يُؤَدَّبُ وَإِنْ عَقَدَ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ أَوْ لَا رَوَى سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ