(ص) : مَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَجَبِيِّ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ رَجُلٍ قَالَ مَالِي فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ (يُكَفِّرُهُ مَا يُكَفِّرُ الْيَمِينَ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَمْلِكُهُ يَوْمَ الْيَمِينِ فَأَمَّا مَا مَلَكَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ تَتَنَاوَلْهُ يَمِينُهُ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ هَذَا مِلْكٌ يَتَعَلَّقُ بِالْأُمَّهَاتِ قَبْلَ الْوِلَادَةِ إلَى حِينِ الْوِلَادَةِ فَيُعَلَّقُ بِمَا تَلِدُهُ أَصْلُ ذَلِكَ تَمَلُّكُ الْحَالِفِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ نَقَصَ مَالُهُ بَعْدَ الْيَمِينِ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا ثُلُثُ مَا بَقِيَ بِيَدِهِ يَوْمَ الْحِنْثِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي هَذَا وَهَذَا إذَا ذَهَبَ مَا ذَهَبَ مِنْهُ بِأَمْرٍ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَلْزَمُهُ مَا تَلِفَ بِسَبَبِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ مَا تَلِفَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مَا أَنْفَقَ مِنْهُ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَإِنْ ذَهَبَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَلَا يَضُرُّ التَّفْرِيطُ بَعْدَ الْحِنْثِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَضْمَنُ بِالتَّفْرِيطِ بَعْدَ الْحِنْثِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ لَا يَضُرُّهُ التَّفْرِيطُ إذْ إخْرَاجُ الْكَفَّارَةِ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ فَتَأْخِيرُ إخْرَاجِهَا لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانَ وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا عَلَى الْفَوْرِ وَلِأَنَّهُ جُزْءُ مَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ إخْرَاجَهَا فَلَزِمَهُ بِالتَّفْرِيطِ كَالزَّكَاةِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا إذَا أَنْفَقَهُ بَعْدَ الْحِنْثِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يَتْبَعُ بِهِ دُنْيَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَضْمَنُ كَزَكَاةٍ فَرَّطَ فِيهَا حَتَّى ذَهَبَ الْمَالُ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْهَا وَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ غَيْرُ مُطَالَبٍ بِهَا وَإِنْ أَنْفَقَهَا لِضَرُورَةٍ وَحَاجَةٍ إلَيْهَا لَمْ يَأْثَمْ بِذَلِكَ كَمَا لَمْ يَأْثَمْ الَّذِي وَقَعَ عَلَى أَهْلِهِ فِي رَمَضَانَ إذْ عَلِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَاجَتِهِ إلَيْهَا فَأَمَرَهُ أَنْ يُطْعِمَهَا أَهْلَهُ وَنَحْنُ نَتَأَوَّلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ بَاقِيَةٌ فِي ذِمَّتِهِ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى يَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُهُ فَإِنْ أَنْفَقَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ إخْرَاجُهُ أَصْلُ ذَلِكَ الزَّكَاةُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَهَذَا إذَا حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَا تَقَدَّمَ مِلْكُهُ عَلَيْهِ وَأَمَّا إذَا حَلَفَ بِصَدَقَةِ جَمِيعِ مَا يَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَإِنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَا يَسْتَفِيدُهُ فِي مِصْرَ أَوْ غَيْرِهَا لَزِمَهُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الطَّلَاقِ.
(فَرْعٌ) وَمَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالٍ فَحَنِثَ وَلَهُ عَيْنٌ وَرَقِيقٌ وَحُبُوبٌ فَلْيُخْرِجْ ثُلُثَ ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْعَيْنَ خَاصَّةً قَالَ أَشْهَبُ وَيُخْرِجُ ثُلُثَ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعْتَقِ إلَى أَجَلٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي مُدَبَّرِهِ وَلَا مُعْتَقِهِ إلَى أَجَلٍ إلَّا أَنْ يُؤَاجِرَهُمْ فَيُخْرِجُ ثُلُثَ الْأُجْرَةِ وَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ خِدْمَتَهُمْ مَالٌ لَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا أَجَّرَهُمْ أَخْرَجَ ثُلُثَ الْأُجْرَةِ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُؤَاجِرْهُمْ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَالٍ وَإِنَّمَا يَصِيرُ مَالًا بِالْإِجَارَةِ فَهُوَ شَيْءٌ يُسْتَفَادُ بَعْدَ الْيَمِينِ.
(فَرْعٌ) وَأَمَّا كِتَابَةُ مُكَاتَبِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُخْرِجُ ثُلُثَ قِيمَةِ الْكِتَابَةِ وَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُونَ نَظَرَ إلَى قِيمَةِ رِقَابِهِمْ فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْكِتَابَةِ أَخْرَجَ الْفَضْلَ وَقَالَ أَشْهَبُ يُخْرِجُ ثُلُثَ مَا يَأْخُذُ مِنْ الْمُكَاتَبِينَ وَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ أَخْرَجَ ثُلُثَهُ وَمَا يَرْجِعُ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَلْزَمْ وَرَثَتَهُ فِيهِ شَيْءٌ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ كُلَّهُ عَنْهُمَا.
(ش) : قَوْلُهُ مَالِي فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ الرِّتَاجُ الْبَابُ قَالَهُ مَالِكٌ وَالْحَطِيمُ مَا بَيْنَ الْبَابِ إلَى الْمَقَامِ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ بَعْضِ الْحَجَبَةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْحَطِيمُ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ إلَى الْبَابِ إلَى الْمَقَامِ وَعَلَيْهِ يُحَطَّمُ النَّاسُ فَمَنْ قَالَ مَالِي فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ فَقَدْ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَأَخَذَ بِهِ مَالِكٌ ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَرَى أَنْ يُسْأَلَ فَإِنْ نَوَى أَنْ يَكُونَ مَالُهُ لِلْكَعْبَةِ فَلْيَدْفَعْ ثُلُثَهُ إلَى خَزَنَتِهَا يَصْرِفُ فِي مَصَالِحِهَا فَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ بِمَا أَقَامَ السُّلْطَانُ لَهَا مِنْ ذَلِكَ تَصَدَّقَ بِهِ وَإِنْ قَالَ لَمْ أَنْوِ شَيْئًا بِذَلِكَ وَلَا أَعْرِفُ لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ تَأْوِيلًا فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ أَحَبُّ إلَيَّ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي نَذْرٍ أَوْ يَمِينٍ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ يَمِينُهُ خَارِجَةً عَلَى وَجْهِ الْبِرِّ وَكَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِمَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ النَّذْرِ الْمُبْهَمِ كَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ هَذِهِ يَمِينٌ مُفَسِّرَةٌ عَرِيَتْ عَنْ اسْمِ