(ص) : (مَالِكٌ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ قَالَ كُنْت أَمْسِكُ الْمُصْحَفَ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَاحْتَكَكْت فَقَالَ سَعْدٌ لَعَلَّك مَسِسْت ذَكَرَك قَالَ قُلْت نَعَمْ قَالَ قُمْ فَتَوَضَّأْ فَقُمْت فَتَوَضَّأْت ثُمَّ رَجَعَتْ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَعْنَى وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِذَلِكَ فِي الْمَعْنَى الْمُرَاعَى فَقَالَتْ طَائِفَةٌ الْمَعْنَى الْمُرَاعَى هُوَ اللَّمْسُ بِبَاطِنِ الْكَفِّ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي وَجُمْهُورُ أَصْحَابِنَا الْعِرَاقِيِّينَ إنَّ الْمُرَاعَى فِي ذَلِكَ اللَّذَّةُ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ وُجُوبِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ خَبَرُ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ وَهُوَ نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ.

وَدَلِيلُنَا عَلَى ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا الْتِقَاءُ بَشَرَتَيْنِ عَلَى مَعْنَى الِاسْتِمْتَاعِ فَوَجَبَ بِذَلِكَ طَهَارَةٌ كَالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَدَلِيلُنَا عَلَى أَنَّ لَمْسَ الذَّكَرِ إذَا عَرَا عَنْ اللَّذَّةِ لَمْ يُوجِبْ الْوُضُوءَ أَنَّ هَذَا لَمْسٌ عَرَا عَنْ اللَّذَّةِ فَلَمْ يَجِبْ بِهِ الْوُضُوءُ كَمَا لَوْ مَسَّهُ بِظَاهِرِ كَفِّهِ وَوَجْهٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّ مَنْ اغْتَسَلَ مِنْ جَنَابَةٍ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ غَسْلِ ذَكَرِهِ فَلَوْ كَانَ حَدَثًا مَعَ تَعَرِّيهِ مِنْ قَصْدِ اللَّذَّةِ لَمَّا كَانَ طَهَارَةً لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ كُلَّ حَدَثٍ مِنْ الْأَحْدَاثِ لَيْسَ بِطَهَارَةٍ مِنْ جِنْسِهِ مِنْ الْأَحْدَاثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

1 -

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الْوُضُوءِ فَمَنْ صَلَّى قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ أَعَادَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ أَبَدًا قَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ وَإِنْ قُلْنَا بِنَفْيِ الْوُجُوبِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ سَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ:

إحْدَاهُمَا: يُعِيدُ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ.

وَالثَّانِيَةُ: لَا يُعِيدُهَا فِي وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي إيجَابِ الْوُضُوءِ بِمَسِّ الْمَرْأَةِ فَرْجَهَا فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ لَا وُضُوءَ عَلَيْهَا وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ وَرَوَى إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ إذَا أَلْطَفَتْ أَوْ قَبَضَتْ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ إنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِاخْتِلَافِ أَقْوَالٍ وَإِنَّمَا هُوَ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالٍ فَمَنْ رَوَى لَا وُضُوءَ عَلَيْهَا فَإِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ إذَا لَمْ تَلْتَذَّ وَمَنْ رَوَى عَلَيْهَا الْوُضُوءُ فَإِنَّمَا ذَلِكَ إذَا الْتَذَّتْ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِ رِوَايَتَيْنِ إلَّا أَنَّ الْوُجُوبَ يَتَعَلَّقُ بِالْإِلْطَافِ وَهُوَ إدْخَالُ الْأُصْبُعِ وَمَسُّ الْفَرْجِ بِهِ وَالْكَلَامُ فِي تَوْجِيهِ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَلَامِ فِي مَسِّ الذَّكَرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : قَوْلُهُ فَاحْتَكَكْت يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ احْتِكَاكُهُ دُونَ الثَّوْبِ فَبَاشَرَ ذَكَرَهُ بِيَدِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ فَوْقِ الثَّوْبِ وَيَرَى سَعْدٌ فِيهِ الْوُضُوءَ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَوْقَ ثَوْبِهِ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَرَوَى عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الثَّوْبِ الْخَفِيفِ يُرِيدُ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِنَا الثَّوْبَ الَّذِي لَا يَمْنَعُ بَشَرَةَ الْيَدِ أَنْ تَصِلَ إلَى الذَّكَرِ وَأَمَّا الثَّوْبُ الْكَثِيفُ الَّذِي يَمْنَعُ ذَلِكَ وَيَحُولُ دُونَهُ فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ.

وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ بِالْقَبْضِ عَلَى الذَّكَرِ تَحْصُلُ اللَّذَّةِ وَهَذَا الْمَعْنَى الْمُوجِبُ لِلْوُضُوءِ.

وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ اللَّذَّةَ لَا تَأْثِيرَ لَهَا إلَّا مَعَ اللَّمْسِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَأَمَّا مُجَرَّدُ اللَّذَّةِ فَلَا وُضُوءَ فِيهَا وَقَدْ يَلْتَذُّ الْإِنْسَانُ بِالذَّكَرِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ وُضُوءٌ.

(فَصْلٌ) :

وَأَمْرُ سَعْدٍ لَمُصْعَبٍ بِالْوُضُوءِ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنْ لَا يَمَسَّ الْمُصْحَفَ إلَّا طَاهِرًا وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ وَيَقْتَضِي أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ يَرَى الْوُضُوءَ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُصْعَبٍ أَنَّ أَبَاهُ سَعْدًا قَالَ لَهُ اغْسِلْ يَدَك وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّ رِوَايَتَهُ أَثْبَتُ وَالْمَعْنَى أَصَحُّ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِغَسْلِ الْيَدِ مِنْهُ وَلَا خِلَافَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجِبُ.

وَقَدْ رَوَى قَيْسُ بْنُ حَازِمٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِسَعْدٍ مَسِسْت ذَكَرِي قَالَ إنْ عَلِمْت أَنَّ بَضْعَةً مِنْك تَنْجُسُ فَاقْطَعْهَا وَهَذَا يُعَارِضُ مَا رَوَى مِنْ غَسْلِ الْيَدِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ إذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ) .

(ش) : الْوُضُوءُ فِي الْحَدِيثَيْنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015