. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الَّذِي قَتَلَهُ دِيَتُهُ وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا دِيَةَ عَلَيْهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ بَارَزَ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةً مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَلَا بَأْسَ لِمَنْ قَتَلَ صَاحِبَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُعِينَ صَاحِبَهُ فِي الْقَتْلِ وَالدَّفْعِ كَمَا فَعَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي مَعُونَةِ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ يَوْمَ بَدْرٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ قَدْ رَضُوا بِتَعَاوُنِهِمْ فَهُمْ كَجَمَاعَةِ الْجَيْشِ تَلْقَى جَمَاعَةَ جَيْشٍ آخَرَ فَلَا بَأْسَ بِتَعَاوُنِهِمْ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْت مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ يُرِيدُ أَنَّهُ وَجَدَ مِنْ شِدَّتِهَا أَلَمًا يَقْرُبُ مِنْ أَلَمِ الْمَوْتِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ خَافَ مِنْ شِدَّتِهَا الْمَوْتَ وَقَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ النَّاسَ رَجَعُوا يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ رَجَعُوا مِنْ جَوْلَتِهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ رَجَعُوا مِنْ الْقِتَالِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ» وَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ بَرَدَ الْقِتَالَ وَلَوْ لَمْ يَقُلْهُ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاتِلِ سَلَبٌ فَإِنَّ السَّلَبَ الَّذِي نَفَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْقَاتِلِ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْخُمُسِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ إنَّمَا كَانَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقِتَالِ الَّذِي فِيهِ وَقَعَ الْقِتَالُ قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ النَّاسَ رَجَعُوا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ» وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ فَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُمْ ذَلِكَ مِنْ الْقِتَالِ فَهُوَ مَا قُلْنَاهُ وَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُمْ مِنْ الْهَزِيمَةِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ التَّرَاجُعِ مِنْ الْهَزِيمَةِ فِيمَنْ قُتِلَ قَبْلَ التَّرَاجُعِ وَلِذَلِكَ قَامَ أَبُو قَتَادَةَ فِيمَنْ قَتَلَهُ قَبْلَ التَّرَاجُعِ وَقَضَى لَهُ بِسَلَبِهِ.
وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْقَعْنَبِيَّ وَهُوَ أَوْثَقُ النَّاسِ وَأَحْفَظُهُمْ لِحَدِيثِ مَالِكٍ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ إنَّ النَّاسَ رَجَعُوا وَجَلَسَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقَتْلِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ رَاكِبًا عَلَى بَغْلَتِهِ فِي حَالِ الْقِتَالِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَنْهُ إلَى الْجُلُوسِ وَالرَّاحَةِ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَرُجُوعِ النَّاسِ مِنْ الْهَزِيمَةِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ التَّحْرِيضَ وَلَوْ أَرَادَ بِهِ التَّحْرِيضَ عَلَى الْقِتَالِ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَقَالَهُ فِي أَوَّلِ الْقِتَالِ وَقَبْلَ الْهَزِيمَةِ وَوَجْهٌ رَابِعٌ وَهُوَ مَا رَوَى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْغَنِيمَةِ وَيُقَاتِلُ لِلْحَمِيَّةِ وَيُقَاتِلُ لِيَرَى مَكَانَهُ مِنْ الشُّهَدَاءِ فَقَالَ: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» وَإِذَا قَالَ ذَلِكَ الْإِمَامُ بَعْدَ تَقَضِّي الْحَرْبِ كَانَتْ النِّيَّاتُ قَبْلَهُ سَلِيمَةً صَحِيحَةً وَلَمْ يُقَاتِلْ أَحَدٌ إلَّا لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَإِذَا قَالَهُ فِي أَوَّلِ الْقِتَالِ أَثَّرَ ذَلِكَ فِي النِّيَّاتِ وَعَرَّضَ النَّاسَ لِيُقَاتِلُوا لِمَا يَحْصُلُ لَهُمْ مِنْ السَّلَبِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْخُمُسِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ سَرِيَّةً قِبَلَ نَجْدٍ فَغَنِمُوا إبِلًا كَثِيرَةً فَكَانَتْ سُهْمَانُهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا» .
فَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْهُ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ سُهْمَانَهُمْ بَلَغَتْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيرًا ثُمَّ نُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّفَلَ مِنْ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ وَلَا مَكَانَ لَهُ غَيْرُ الْخُمُسِ وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسَ مِنْ الْغَنِيمَةِ لِلْغَانِمِينَ تَجِبُ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُمْ فِيهِ لَا يُزَادُ أَحَدٌ مِنْهُمْ لِغَنَائِهِ وَلَا لِقِتَالٍ وَلَوْ كَانَ فِيهِ تَفْضِيلٌ لِقَتْلٍ أَوْ قِتَالٍ لَوَجَبَ أَنْ يُفَاضَلَ بَيْنَهُمْ لِلْغَنَاءِ فَلَا يَأْخُذُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ مَا يَأْخُذُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَامّ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَالْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ وَأَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَلَمَا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ أَخْذَهُمْ سَوَاءٌ لَهُ وَإِنْ اخْتَلَفُوا وَتَبَايَنُوا فِي الْقَتْلِ وَالْقِتَالِ بَطَلَ أَنْ يَكُونَ لِلْقَتْلِ مَزِيَّةٌ لِأَحَدٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ