(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ سَمِعَهُ وَرَجُلٌ يَسْأَلُهُ فَقَالَ إنِّي لَأَجِدُ الْبَلَلَ وَأَنَا أُصَلِّي أَفَأَنْصَرِفُ فَقَالَ لَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ لَوْ سَالَ عَلَى فَخِذِي مَا انْصَرَفْت حَتَّى أَقْضِيَ صَلَاتِي)
ـــــــــــــــــــــــــــــQالذَّكَرِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ غَسْلٌ عَلَى وَجْهِ التَّعَبُّدِ وَلَوْ كَانَ يَغْسِلَهُ لِنَجَاسَةِ الْمَذْيِ لَقَالَ فَلْيَغْسِلْ الْمَذْيَ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ وَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ مُبَالَغَةٌ فِي الْبَيَانِ لِئَلَّا يَظُنَّ السَّامِعُ أَنَّهُ يُرِيدُ بِالْوُضُوءِ غَسْلَ الذَّكَرِ مِنْ الْمَذْيِ فَبَيَّنَ أَنَّهُ يُرِيدُ وُضُوءَ الْحَدَثِ وَقَوْلُهُ يَعْنِي الْمَذْيَ يُرِيدُ أَنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ أَنَّهُ يَجِدُهُ يَنْحَدِرُ مِنْهُ مِثْلَ الْخُرَيْزَةِ هُوَ الْمَذْيُ.
(ص) : (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ جُنْدُبٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ أَنَّهُ قَالَ سَأَلْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ الْمَذْيِ فَقَالَ إذَا وَجَدْتَهُ فَاغْسِلْ فَرْجَك وَتَوَضَّأْ وُضُوءَك لِلصَّلَاةِ) .
(ش) : قَوْلُهُ إذَا وَجَدْتَهُ يُرِيدُ إذَا وَجَدْتَهُ قَدْ بَرَزَ مِنْ مَخْرَجِهِ فَاغْسِلْ فَرْجَك يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَخْرَجَ الْمَذْيِ مِنْ الذَّكَرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ الذَّكَرَ وَقَوْلُهُ تَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
(ش) : قَوْلُهُ إنِّي لَأَجِدُ الْبَلَلَ وَأَنَا أُصَلِّي يُرِيدُ أَنَّهُ يَجِدُ فِي صَلَاتِهِ بَلَلًا مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ ذَكَرِهِ فَقَالَ سَعِيدٌ لَوْ سَالَ عَلَى فَخِذِي مَا انْصَرَفْت لِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ مِمَّا لَا يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ وَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ فَحَمَلَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَلِكَ عَلَى سَائِرِ الْمَذْيِ وَإِنَّمَا وَرَدَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ عَامَّةً فِي الْبَلَلِ فَكَانَ مَذْهَبُ حُذَيْفَةَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَقَتَادَةَ أَنَّ الْبَلَلَ لَا يُبْطِلُ الْوُضُوءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ تَيَقَّنَهُ حَتَّى يَقْطُرَ فَإِذَا قَطَرَ بَطَلَ الْوُضُوءُ وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ لَا يُبْطِلُ الْوُضُوءَ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ قَطَرَ وَسَالَ فَهَذَا وَجْهُ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ إلَّا أَنَّ مَالِكًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَمَلَهُ عَلَى الْمَذْيِ الْخَارِجِ لِغَيْرِ اللَّذَّةِ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ إنْ وَجَدَ بَلَلًا فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَنْكِحًا فَيَتَمَادَى فَتَقَرَّرَ مِنْ هَذَا إنَّ مَا خَرَجَ مِنْ الْعَادَةِ وَتَكَرَّرَ حَتَّى تَشُقَّ مُرَاعَاتُهُ دَخَلَ فِي بَابِ السَّلَسِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ وَمِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ مَا خَرَجَ مِنْ مَنِيٍّ أَوْ مَذْيٍ أَوْ بَوْلٍ عَلَى وَجْهِ السَّلَسِ فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا مَائِعٌ تَجِبُ بِهِ الطَّهَارَةُ إذَا خَرَجَ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ لَمْ تَجِبْ بِهِ تِلْكَ الطَّهَارَةُ كَدَمِ الْحَيْضِ وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ فِي الْمَرْأَةِ يَخْرُجُ مِنْهَا دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ وَإِنْ كَانَ يَتَكَرَّرُ عَلَيْهَا بِالسَّاعَاتِ اُسْتُحِبَّ لَهَا الْوُضُوءُ قَالَ وَيَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ اعْتَرَاهُ الْمَذْيُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ إلَّا أَنْ يَسْتَنْكِحَهُ فَظَاهِرُ قَوْلِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ الْمَذْيَ الْخَارِجَ بِغَيْرِ لَذَّةٍ يَجِبُ بِهِ الْوُضُوءُ إلَّا أَنْ يَكْثُرُ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَإِنَّمَا حَمَلَ شُيُوخُنَا قَوْلَ مَالِكٍ فِي الْمَذْيِ يَخْرُجُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ لِلَّذَّةِ لِأَنَّ ذَلِكَ غَالِبُ حَالِ الْمَذْيِ أَنْ يَخْرُجَ لِلَّذَّةِ وَأَمَّا مَا يُسْتَنْكَحُ بِهِ وَهُوَ أَنْ يَخْرُجَ لِغَيْرِ لَذَّةٍ وَلَا سَبَبٍ فَلَا يَجِبُ بِهِ الْوُضُوءُ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فَيَجِيءُ عَلَى مَذْهَبِ الْقَاضِي أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ مَعْنَى خُرُوجِهِ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ أَنْ يَخْرُجَ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَلَا يَكْثُرَ جِدًّا وَلَا يُرَاعَى لِلَّذَّةِ.
1 -
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي غَسْلِ مَنْ لَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ أَوْ ضُرِبَ أَسْوَاطًا أَوْ كَانَتْ بِهِ حَكَّةٌ فَاغْتَسَلَ بِمَاءٍ سُخْنٍ فَأَنْزَلَ فَالِاخْتِيَارُ أَنْ يَغْتَسِلَ لِلْإِنْزَالِ، فَيَجِيءُ عَلَى اخْتِيَارِهِ هَذَا أَنَّ مَعْنَى خُرُوجِهِ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ أَنْ يَخْرُجَ سَوَاءٌ كَانَ السَّبَبُ اللَّذَّةَ أَوْ الْمَاءَ.
وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ مَنْ أَمْنَى لِلَدْغَةِ عَقْرَبٍ أَوْ ضُرِبَ بِسَيْفٍ فَلَا غَسْلَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْغَسْلُ عَلَى مَنْ خَرَجَ مِنْهُ ذَلِكَ لِلَذَّةٍ مِثْلِ أَنْ يَنْتَشِرَ لِشَبَقٍ فَيُمْنِيَ أَوْ يَنْزِلَ الْحَوْضَ فَيُمْنِيَ، فَيَجِيءُ عَلَى مَذْهَبِهِ أَنَّ مَا كَانَ