. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَيْسُوا عَلَى جِهَةِ حَرْبٍ فَهُمْ أَهْلُ حَرْبٍ أَبَدًا حَتَّى يُؤْمِنُوا إلَّا أَنْ يَكُونُوا تَعَوَّدُوا الْأَمَانَ عَلَى الِاخْتِلَافِ بِالتِّجَارَةِ قَبْلَ هَذَا فَهُمْ عَلَى الْأَمَانِ.
فَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إذَا عُرِفَ صِدْقُهُمْ فِي أَنَّهُمْ تُجَّارٌ فَهُمْ مُسْتَأْمَنُونَ يَلْزَمُ بَذْلُ الْأَمَانِ لَهُمْ أَوْ رَدُّهُمْ إلَى مَأْمَنِهِمْ وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُمْ أَهْلُ حَرْبٍ فَلَا أَمَانَ لَهُمْ وَمَتَى غُلِبُوا وَظُفِرَ بِهِمْ قَبْلَ بَذْلِ الْأَمَانِ لَهُمْ فَهُمْ فَيْءٌ وَأَمَّا مَنْ اعْتَادَ الِاخْتِلَافَ لِلتِّجَارَةِ إلَى بَلَدِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَمَانٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْأَمَانُ لَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَهُوَ عَلَى ذَلِكَ.
(فَرْعٌ) إذَا قُلْنَا: إنَّهُمْ لَا يُسْتَرَقُّونَ إذَا عُرِفَ صِدْقُهُمْ فَإِنَّ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ صِدْقُهُمْ قَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ وَلَا يَكَادُ يَخْفَى أَمْرُهُمْ فَإِنَّ الْمَرْكَبَ يُوجَدُ فِيهِ الْعَدَدُ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ وَالْكَثِيرُ مِنْ السِّلَاحِ وَالْمَرْكَبُ الْكَبِيرُ لَيْسَ فِيهِ الْكَثِيرُ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ وَلَا الْكَثِيرُ مِنْ السِّلَاحِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ بَعْضُ الْمُقَاتِلَةِ وَبَعْضُ السِّلَاحِ لِأَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ فَلْيُقْبَلْ قَوْلُهُمْ فِي مِثْلِ هَذَا أَنَّهُمْ جَاءُوا لِلتِّجَارَةِ وَذُكِرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي السُّفُنِ تَنْزِلُ بِمَوْضِعٍ وَمَعَهُمْ التِّجَارَاتُ وَالسِّلَاحُ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى قِلَّتِهِمْ وَكَثْرَتِهِمْ وَضَعْفِ الْمَوْضِعِ الَّذِي نَزَلُوا بِهِ وَقُوَّتِهِ وَمَا مَعَهُمْ مِنْ السِّلَاحِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالتِّجَارَاتِ فَجُعِلَ هَذِهِ كُلُّهَا مِنْ الْعَلَامَاتِ الَّتِي يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى صِدْقِهِمْ أَوْ كَذِبِهِمْ وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ لِأَنَّ مَرَاكِبَ الْمُحَارِبِينَ غَيْرُ مَرَاكِبِ التُّجَّارِ وَعَدَدَهُمْ فِي الْكَثْرَةِ غَيْرُ عَدَدِ التُّجَّارِ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مِنْ التِّجَارَاتِ مَا لَهُ كَبِيرُ مَعْنًى وَالتُّجَّارُ مُعْظَمُ مَا مَعَهُمْ التِّجَارَاتُ وَصِفَةُ مَرَاكِبِ الْمُحَارِبِينَ غَيْرُ صِفَةِ مَرَاكِبِ التُّجَّارِ فَهَذَا كُلُّهُ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى صِدْقِهِمْ أَوْ كَذِبِهِمْ وَعَلَى حَسَبِ ذَلِكَ يَكُونُ حُكْمُهُمْ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ) .
أَمَّا مَا وُجِدَ مَعَهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَإِنَّهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْأَخْذُ لِذَلِكَ مِنْ بِلَادِهِمْ مِمَّنْ يَتَصَرَّفُ فِي بِلَادِهِمْ غَيْرَ مُغَالِبٍ لَهُمْ كَالْأَسِيرِ الَّذِي قَدْ مَلَكُوهُ وَصَارَ بِأَيْدِيهِمْ أَوْ دَخَلَ إلَيْهِمْ بِأَمَانٍ فَأَخَذَ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَخَرَجَ بِهَا فَإِنَّ جَمِيعَهُ لَهُ وَلَا خُمُسَ فِيهِ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَأْمَنِ مَنْ يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَيَخْرُجُ بِهِ إلَيْنَا فَإِنَّهُ لَهُ وَالضَّرْبُ الثَّانِي مَا أُخِذَ مِنْهُمْ عَلَى وَجْهِ الْمُغَالَبَةِ لَهُمْ بِمَوْضِعٍ يُمْكِنُ خَلَاصُهُمْ مِنْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ فَيْءٌ لِمَنْ أَخَذَهُ وَفِيهِ الْخُمُسُ وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ مَا أُخِذَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَرِقَابِهِمْ بِمَوْضِعٍ لَا تُرْجَى فِيهِ نَجَاتُهُمْ كَأَنْ كَانَ بِتَكَسُّرِ مَرَاكِبِهِمْ فَإِنَّهُ لَا خُمُسَ فِيهِ وَلَا هُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ وَإِنَّمَا لِلْإِمَامِ أَنْ يَصْرِفَهُ فِيمَا رَآهُ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا حُكْمُ رِقَابِهِمْ وَمَا كَانَ مَعَهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فِي هَذَا الضَّرْبِ فَأَمَّا إذَا انْفَرَدَتْ أَمْوَالُهُمْ وَوُجِدَ شَيْءٌ مِنْهَا بِبِلَادِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: هُوَ لِمَنْ وَجَدَهُ وَلَا تُخَمَّسُ عُرُوضُهُ وَيُخَمَّسُ مَا فِيهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ وَرَقٍ وَرَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْكَنْزِ مِنْ أَمْوَالِ الْعَدُوِّ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ مَنْ تَقَدَّمَ لَهُ عَلَيْهِ مِلْكٌ فَأَمَّا الذَّهَبُ وَالْوَرَقُ فَيُخَمَّسَانِ عَلَى مَا ذُكِرَ عَنْ مَالِكٍ فِي كَنْزِ الذَّهَبِ وَالْوَرَقِ وَأَمَّا الْعُرُوض فَقَالَ هَاهُنَا لَا تُخَمَّسُ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ عَنْهُ فِي كَثِيرِ الْعُرُوضِ فَقَالَ مَرَّةً: لَا تُخَمَّسُ وَقَالَ مَرَّةً: تُخَمَّسُ فَعَلَى هَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ.
(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَمَا وُجِدَ فِي هَذِهِ الْمَرَاكِبِ مِنْ الرَّقِيقِ وَلَمْ يُصَدَّقُوا فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرَى فِيهِمْ الْإِمَامُ رَأْيَهُ مِنْ أَسْرٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ فِدَاءٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَتْلَ وَقَالَ فِي الْعِلْجِ يُوجَدُ بِبِلَادِ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ طُولِ مُقَامٍ بِهَا فَلَمَّا ظُفِرَ بِهِ قَالَ: جِئْت لِأُقِيمَ آمِنًا فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَرَى فِيهِ رَأْيَهُ وَهُوَ فَيْءٌ وَلَا يُقْتَلُ إلَّا أَنْ يُتَّهَمَ بِالتَّجْسِيسِ فَيُقْتَلُ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْمَرَاكِبِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْعَدُوُّ وَتَنْكَسِرُ بِبِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَيَدَّعُونَ أَنَّهُمْ جَاءُوا تُجَّارًا فَيَظْهَرُ مِنْ كَثْرَةِ عَدَدِهِمْ وَكَثْرَةِ مُقَاتِلَتِهِمْ وَقِلَّةِ تِجَارَتِهِمْ أَنَّهُمْ كَاذِبُونَ فَإِنَّهُمْ وَمَا مَعَهُمْ فَيْءٌ وَتُقْتَلُ مُقَاتِلَتُهُمْ عَلَى هَذَا) .