لَا يَكُونُ لِلصَّيْدِ حَيَاةٌ بَعْدَهُ) .

(ص) : (قَالَ: وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ: وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ الصَّيْدِ وَإِنْ غَابَ عَنْك مَصْرَعُهُ إذَا وَجَدْتَ بِهِ أَثَرًا مِنْ كَلْبِك أَوْ كَانَ بِهِ سَهْمُك مَا لَمْ يَبِتْ فَإِذَا بَاتَ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ أَكْلُهُ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّهُ إذَا أَعَانَ الصَّائِدَ عَلَى صَيْدِهِ غَيْرُهُ مِمَّا لَيْسَ كَآلَةٍ لِلصَّيْدِ فَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ فِعْلِ الصَّائِدِ أَوْ مِنْ فِعْلِ الْمُعَيَّنِ لَمْ يَجُزْ أَكْلُ ذَلِكَ الصَّيْدِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ نَحْوَهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الصَّيْدَ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ كَالذَّكَاةِ وَتُرَاعَى فِيهِ صِفَةُ الْفَاعِلِ وَالْآلَةِ كَالذَّكَاةِ فَإِذَا رَمَى الرَّامِي صَيْدًا عَلَى شَاهِقٍ فَتَرَدَّى فَوَجَدَهُ مَيِّتًا فَإِنْ كَانَ سَهْمُهُ قَدْ أَنْفَذَ مَقَاتِلَهُ قَبْلَ تَرَدِّيهِ فَقَدْ تَمَّتْ ذَكَاتُهُ فَلَا يُحَرِّمُهُ تَرَدِّيهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُنْفِذْ مَقَاتِلَهُ بِرَمْيَتِهِ لَمْ يَجُزْ أَكْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَمِنْ رَمْيَتِهِ مَاتَ أَوْ مِنْ تَرَدِّيه قَالَهُ مَالِكٌ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَسَقَطَ فِي مَاءٍ فَعَلَى حَسَبِ ذَلِكَ إنْ تَيَقَّنَ إنْفَاذَ السَّهْمِ مَقَاتِلَهُ بِرَمْيَتِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَكْلُهُ لَعَلَّ إنَّمَا قَتَلَهُ الْمَاءُ وَلَيْسَ بِآلَةِ الصَّيْدِ رَوَى ذَلِكَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا وَقَعَتْ رَمْيَتُك فِي مَاءٍ فَغَرِقَ فَلَا تَأْكُلْ» مَعْنَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ تَكُونَ وَقَعَتْ فِي الْمَاءِ وَلَمْ تُنْفِذْ الرَّمْيَةُ مَقَاتِلَهَا وَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ الْغَرَقُ لِأَنَّ الْغَرَقَ هَاهُنَا بِمَعْنَى الْمَوْتِ وَلَوْ أَنْفَذَ السَّهْمُ مَقَاتِلَهُ لَمْ يُرَاعَ الْمَوْتُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَكَذَا لَوْ أَعَانَ كَلْبُهُ عَلَى الصَّيْدِ كَلْبًا آخَرَ لَمْ يُرْسِلْهُ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ رَمَى صَيْدًا بِسَهْمٍ مَسْمُومٍ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ: لَا يُؤْكَلُ لَعَلَّ السُّمَّ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ وَأَخَافُ عَلَى مَنْ أَكَلَهُ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْوَلِيدِ: وَهَذَا عِنْدِي إذَا لَمْ يُنْفِذْ مَقَاتِلَهُ السَّهْمُ فَإِنْ أَنْفَذَ مَقَاتِلَهُ فَقَدْ ذَهَبَتْ عِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ خَوْفُهُ أَنْ يُعِينَ عَلَى قَتْلِهِ السَّهْمُ وَبَقِيَتْ عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ وَهِيَ مَخَافَتُهُ عَلَى آكِلِهِ فَلَا يَجُوزُ حِينَئِذٍ أَنْ يَأْكُلَهُ أَنْفَذَ السَّهْمُ مَقَاتِلَهُ أَوْ لَمْ يُنْفِذْهَا، فَإِنْ كَانَ مِنْ السَّمُومِ الَّتِي تُؤْمَنُ وَلَا يُتَّقَى عَلَى أَكْلِ الصَّيْدِ مِنْهَا شَيْءٌ كَالْبَقْلَةِ فَقَدْ ارْتَفَعَتْ الْعِلَّتَانِ وَجَازَ أَكْلُهُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِيهِ نَظَرٌ عَلَى أَصْلِ ابْنِ نَافِعٍ مُرَاعَاتُهُ أَنْ يُنْفِذَ السَّهْمُ الْمَقَاتِلَ قَبْلَ أَنْ يَسْقُطَ فِي الْمَاءِ وَإِنْ سَقَطَ فِي الْمَاءِ ثُمَّ أُنْفِذَتْ فِيهِ مَقَاتِلُهُ لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُ أَكْلُهُ فَعَلَى هَذَا يَتَحَرَّرُ الْكَلَامُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.

(ش) : قَوْلُهُ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الصَّيْدِ وَإِنْ غَابَ عَنْك مَصْرَعُهُ وَهَذَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْسِيمٍ وَتَفْصِيلٍ وَذَلِكَ إنَّ الْكَلْبَ أَوْ السَّهْمَ إذَا أَنْفَذَ مَقَاتِلَ الصَّيْدِ بِمُشَاهَدَةِ الصَّائِدِ ثُمَّ تَحَامَلَ الصَّيْدُ وَغَابَ عَنْهُ فَقَدْ كَمُلَتْ ذَكَاتُهُ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ مَغِيبُهُ عَنْهُ وَلَا مَبِيتُهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَهَذَا الَّذِي أَرَادَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ لَمْ يُنْفِذْ السَّهْمُ وَلَا الْكَلْبُ مَقَاتِلَهُ حَتَّى غَابَ عَنْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا فَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ: إذَا كَانَ مُجِدًّا فِي الطَّلَبِ حَتَّى وَجَدَهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُهُ وَإِنْ تَشَاغَلَ عَنْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ وَحَكَى نَحْوَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا تَوَارَى الصَّيْدُ مَعَ الْكَلْبِ فَوَجَدَهُ قَدْ قَتَلَهُ إنْ لَمْ يُرَ بِالْقُرْبِ صَيْدًا يُشَكِّكُهُ إنَّ الَّذِي قَتَلَ غَيْرُ الَّذِي أُرْسِلَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ حَلَالٌ وَإِنْ شَكَّ فَلَا يُؤْكَلُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ لَا يُمَيِّزَ الصَّيْدَ الَّذِي أُرْسِلَ عَلَيْهِ وَيَكُونُ بِالْمَوْضِعِ مِنْ الصَّيْدِ مَا يَشُكُّ بِهِ فِي قَتْلِ الَّذِي أُرْسِلَ عَلَيْهِ وَهَذَا شَكٌّ فِي عَيْنِ الصَّيْدِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا شَكَّ فِي صِفَةِ قَتْلِهِ وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: إذَا زَالَ عَنْ عَيْنِهِ وَهُوَ فِي غَيْرِ حُكْمِ الْمَذْبُوحِ فَلَا يَجُوزُ أَكْلُهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا أَرْسَلْت كَلْبَك الْمُعَلَّمَ فَذَكَرْت اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَقَتَلَ فَكُلْ» .

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ إذَا وَجَدْت فِيهِ أَثَرًا مِنْ كَلْبِك أَوْ كَانَ بِهِ سَهْمُك يُرِيدُ أَنَّ الظَّاهِرَ إذَا كَانَ بِهِ أَثَرُ كَلْبِهِ أَوْ وَجَدَ فِيهِ سَهْمَهُ أَنَّهُ الصَّيْدُ الَّذِي أُرْسِلَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ شَكٌّ مِنْ وُجُودِ صَيْدٍ بِقُرْبِهِ يَشُكُّ بِهِ أَنَّ الَّذِي فِيهِ أَثَرُ كَلْبِهِ أَوْ سَهْمِهِ غَيْرُ الَّذِي أُرْسِلَ عَلَيْهِ فَلَا يَأْكُلُهُ حِينَئِذٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

1 -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015