. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQثُمَّ يَذْبَحُونَهَا إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَصَدَ الْقُرْبَةَ فِي ذَبْحِهِ وَإِنْ كَانَتْ وُجُوهُهَا مُخْتَلِفَةً مِثْلُ أَنْ يَلْزَمَ أَحَدَهُمْ جَزَاءُ صَيْدٍ وَيَلْزَمُ الْآخَرَ فِدْيَةُ أَذًى وَيُرِيدُ هَدْيَ تَطَوُّعٍ فَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ لَا يَقْصِدُ الْقُرْبَةَ وَإِنَّمَا يَقْصِدُ اللَّحْمَ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ وَقَالَ زُفَرُ: لَا يُجْزِئُ حَتَّى تَكُونَ وُجُوهُ الْقُرْبَةِ وَاحِدَةً.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ فَالْخِلَافُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فِي فَصْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي الرَّقَبَةِ عِنْدَنَا وَيَجُوزُ عِنْدَهُمْ وَالثَّانِي أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَنَا أَنْ تُنْحَرَ الْبَدَنَةُ الْوَاحِدَةُ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِنْدَهُمْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] .
فَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْ الْآيَةِ أَنَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَى مَنْ قَتَلَ الصَّيْدَ إخْرَاجَ مِثْلِهِ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ وَمَنْ أَخْرَجَ سُبْعَ بَدَنَةٍ فَلَمْ يُخْرِجْ مِثْلَ مَا قَتَلَ مِنْ الصَّيْدِ وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا هَدْيٌ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مُشْتَرِكًا أَصْلُهُ الشَّاةُ أَمَّا هُمْ فَاحْتَجَّ مَنْ نَصَرَ قَوْلَهُ بِالْحَدِيثِ الْمَنْصُوصِ «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» وَالْجَوَابُ أَنَّ الْقَاضِيَ أَبَا الْحَسَنِ قَدْ أَجَابَ عَنْ هَذَا بِأَنَّ حَدِيثَ أَبِي الزُّبَيْرِ وَهْمٌ لِذِكْرِهِ الْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَجَوَابُهُ هُوَ وَالشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ بِجَوَابٍ ثَانٍ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الَّذِي نَحَرَ عَنْهُمْ وَكَانَ الْهَدْيُ جَمِيعُهُ لَهُ وَنَحْنُ إنَّمَا نَمْنَعُ الِاشْتِرَاكَ فِي رَقَبَةِ الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ قَالَا: وَهَذَا كَمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحَّى وَقَالَ: هَذَا عَنِّي وَعَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي» قَالَ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ: فَكَانَ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَمَا يَذْبَحُ الرَّجُلُ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهُمْ أَهْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ أَبٌ لَهُمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ قَالَ: وَأَحْسَبُ أَنَّ الَّذِي رَوَى مِنْ اشْتِرَاكِهِمْ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي الْبُدْنِ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ وَلَعَلَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَاقَهَا وَأَشْرَكَ بَيْنَهُمْ فِيهَا وَلَمْ يُخْرِجْ كُلُّ وَاحِدٍ جُزْءًا مِنْ ثَمَنِهَا وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُدْخِلَ غَيْرَهُ مِنْ رَعِيَّتِهِ فِي أُضْحِيَّتِهِ وَأَجَابَ عَنْ الْحَدِيثِ بِجَوَابٍ آخَرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ فَلَا يَتَمَنَّعُ أَنْ يَكُونُوا قَدْ سَاقُوا ذَلِكَ وَقَلَّدُوهُ تَطَوُّعًا وَاَلَّذِي أَدَّى الثَّمَنَ وَاحِدٌ وَقَدْ أَشْرَكَ مَعَهُ قَوْمًا وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُمْ ثَمَنًا.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ الْمَحْضِ جَائِزٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَأَمَّا أَنْ يَزِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جُزْءًا مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ يَجُوزَ ذَلِكَ فِيمَا يَلْزَمُ الْإِنْسَانَ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ مِنْ هَدْيٍ وَاجِبٍ أَوْ أُضْحِيَّةٍ تَتَعَيَّنُ عَلَى الْإِنْسَانِ بِالسُّنَّةِ فَلَا وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَجَوَابُ ابْنِ الْمَوَّازِ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لِيَشْتَرِكَ النَّفَرُ مِنْكُمْ فِي الْهَدْيِ يُوشِكُ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ كَانَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأُمَّتِهِ لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ عِيَالُهُ فَيُخْرِجُ عَنْهُمْ أَوْ يَدْفَعُ إلَى كُلِّ نَفَرٍ مِنْهُمْ مَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ رَجُلٌ بِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَإِنْ قِيلَ: فَأَنْتُمْ لَا تُجِيزُونَ أَنْ تُذْبَحَ الْأُضْحِيَّةُ وَالْهَدْيُ عَنْ عَدَدٍ مِنْ النَّاسِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَهْلَ بَيْتٍ وَاحِدٍ وَاَلَّذِي ذُبِحَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ سَبْعُونَ بَدَنَةً وَلَا يَتَّفِقُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ سَبْعَةٍ مِنْهُمْ أَهْلَ بَيْتٍ، فَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ إمَّا عَلَى تَجْوِيزِ الِاشْتِرَاكِ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ فَلَا يُرَاعَى ذَلِكَ وَيَسْقُطُ هَذَا السُّؤَالُ جُمْلَةً وَأَمَّا عَلَى مَنْعِنَا ذَلِكَ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ وَغَيْرِهِ فَعَنْهُ جَوَابَانِ:
أَحَدُهُمَا أَنَّ جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ بَيْتِهِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْحَرَ عَنْ سَبْعَةٍ مِنْهُمْ كَمَا رُوِيَ أَنَّهُ ذَبَحَ عَنْهُ وَعَنْ جَمِيعِ مَنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِهِ فَشَرَّكَ بَيْنَهُمْ فِي أُضْحِيَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يُشْرِكَ بَعْضًا وَهَذَا كَمَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ ذَبَحَ عَنْ آلِ مُحَمَّدٍ بَقَرَةً وَاحِدَةً» رَوَاهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَوِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ آلِ مُحَمَّدٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بَقَرَةً وَاحِدَةً» .
وَجَوَابٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ خَمْسَةٍ وَأَهْلُ بَيْتٍ مِنْ