(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَّقِي مِنْ الضَّحَايَا وَالْبُدْنِ الَّتِي لَمْ تَسُنَّ وَاَلَّتِي نَقَصَ مِنْ خَلْقِهَا قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ أَحَبُّ مَا سَمِعْت إلَيَّ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ الثُّلُثَ عِنْدَهُ كَثِيرٌ وَهُوَ نَحْوُ مِمَّا أَوْرَدَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الثُّلُثَ عِنْدَهُ فِي حَيِّزِ الْقَلِيلِ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ فِي الْأُذُنِ إلَّا أَنَّهُ سَوَّى بَيْنَ الذَّنَبِ وَالْأُذُنِ وَالْأَلْيَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَالْأَظْهَرُ فِي ذَلِكَ عِنْدِي مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الصَّحِيحُ إنْ شَاءَ اللَّهُ إنَّ ذَهَابَ ثُلُثِ الْأُذُنِ فِي حَيِّزِ الْيَسِيرِ وَذَهَابَ ثُلُثِ الذَّنَبِ فِي حَيِّزِ الْكَثِيرِ لِأَنَّ الذَّنَبَ ذُو لَحْمٍ وَعَظْمٍ وَعَصَبٍ وَالْأُذُنَ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُ طَرَفِ جِلْدٍ لَا يَكَادُ يَتَأَلَّمُ بِقَطْعِهِ وَلَا يَسْتَضِرُّ بِهِ لَكِنَّهُ يَنْقُصُ الْجِمَالَ كَثِيرُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا السَّكَّاءُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا الصَّغِيرَةُ الْأُذُنَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهِيَ: الصَّمْعَاءُ فَهِيَ تُجْزِئُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَمَّا الَّتِي خُلِقَتْ بِغَيْرِ أُذُنَيْنِ فَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ: لَا يُضَحَّى بِالسَّكَّاءِ وَهِيَ الَّتِي خُلِقَتْ بِغَيْرِ أُذُنَيْنِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَاَلَّذِي عِنْدِي فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْأُذُنُ مِنْ الصِّغَرِ بِحَيْثُ تَقْبُحُ الْخِلْقَةُ مَعَهُ وَيَقَعُ بِهِ التَّشْوِيهُ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الثَّرْمَاءُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَهِيَ الَّتِي سَقَطَتْ أَسْنَانُهَا مِنْ كِبَرٍ أَوْ كُسِرَ فَلَا تُجْزِئُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ سَقَطَتْ أَسْنَانُهَا مِنْ إثْغَارٍ أَوْ هَرَمٍ أَوْ حَفِيَتْ فَلَا بَأْسَ بِهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يُضَحَّى بِهَا قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: لِأَنَّهُ نَقْصٌ مِنْ خَلْقِهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ: ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْفَتِيَّةَ إنَّمَا تَسْقُطُ أَسْنَانُهَا مِنْ دَاءٍ نَزَلَ بِهَا فَصَارَ عَيْبًا بِهَا وَالْهَرِمَةَ سَقَطَتْ أَسْنَانُهَا مِنْ كِبَرٍ وَهُوَ أَمْرٌ مُعْتَادٌ وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ الْهَرَمَ مَعْنًى يُضْعِفُ الْحَيَوَانَ فَإِذَا أَسْقَطَ الْأَسْنَانَ مَنَعَ الْأُضْحِيَّةَ كَالْمَرَضِ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا: إنَّ ذَهَابَ الْأَسْنَانِ يَمْنَعُ الْأُضْحِيَّةَ فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ ذَهَابَ السِّنِّ الْوَاحِدَةِ وَفِي الْمَبْسُوطِ إذَا سَقَطَ لَهَا سِنٌّ أَوْ أَسْنَانٌ فَهُوَ عَيْبٌ وَلَا يُضَحَّى بِهَا فَإِنَّهُ نُقْصَانٌ مِنْ خَلْقِهَا.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: ذَلِكَ لَمَعَانٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْمَرَضَ نَهَكَ بَدَنَهَا فَيَنْقُصُ لَحْمُهَا وَالثَّانِي أَنَّهُ يُفْسِدُهُ حَتَّى تَعَافُهُ النَّفْسُ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ يَنْقُصُ ثَمَنُهَا وَهَذِهِ الْمَعَانِي عَلَى مَا ذُكِرَ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى كُلِّ غَرَضٍ يَحْدُثُ ذَلِكَ فِي النَّفْسِ يَمْنَعُ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا وَالْخَمِرَةُ وَهِيَ الْبَشِمَةُ لَا تُجْزِئُ وَكَذَلِكَ الْجَرْبَاءُ فَمَا بَلَغَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ حَدَّ الْمَرَضِ الْبَيِّنِ وَجَبَ أَنْ يَمْنَعَ الْإِجْزَاءَ.
(مَسْأَلَةٌ) :
قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَجُوزُ الدَّبْرُ مِنْ الْإِبِلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الدَّبْرَةِ الْكَبِيرَةِ فَأَرَى الْمَجْرُوحَ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ إنْ كَانَ جُرْمًا كَبِيرًا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ: وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُ مِنْ الْمَرَضِ الَّذِي يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ كَالْمَكْسُورَةِ الْقَرْنِ تُدْمِي وَإِذَا كَانَ الْجُرْحُ صَغِيرًا لَا يَضُرُّ بِالْأُضْحِيَّةِ أَوْ بِالْهَدْيِ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ الْمَرَضِ فَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الْإِجْزَاءَ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي النَّقْيُ الشَّحْمُ» يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِيهَا شَحْمٌ فَإِذَا بَلَغَتْ هَذَا الْحَدَّ مِنْ الْهُزَالِ فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُ لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ الْحَدِّ الْمُعْتَادِ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِي لَحْمِهَا وَلَا طَيِّبَ كَالْمَرِيضَةِ.
(ش) : قَوْلُهُ كَانَ يَتَّقِي مِنْ الْبُدْنِ وَالضَّحَايَا الْبُدْنُ مَا أُهْدِيَ مِنْ الْإِبِلِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى.
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي مَعْنَاهَا فِي الْحَجِّ وَاتِّقَاؤُهُ فِيهَا مَا لَمْ تَسُنَّ يُرِيدُ مَا لَمْ تَبْلُغْ سِنَّ الْإِجْزَاءِ وَهَذَا لَفْظٌ يُسْتَعْمَلُ غَالِبًا فِي الْهَرَمِ وَمَا قَارَبَهُ فَيُقَالُ: أَسَنَّ فُلَانٌ إذَا بَلَغَ سِنَّ الشَّيْخِ وَلَمْ يَرِدْ ذَلِكَ هَاهُنَا؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الثَّنِيَّةَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّحَايَا تُجْزِئُ وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَبْلُغْ حَدَّ تَمَامِ السِّنِّ وَإِنَّمَا هُوَ أَوَّلُ الْإِثْغَارِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ أَوْ تَكُونَ مُسِنَّةً مِنْ الْبَقَرِ وَأَكْثَرُ مَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِالسِّنِينَ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَتَقَدَّمَ يَسِيرًا أَوْ يَتَأَخَّرَ يَسِيرًا عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ الْخِلْقَةِ وَلَكِنَّ الْمُعْتَادَ مُتَقَارِبٌ فَالْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ قَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: الْجَذَعُ مِنْ