ص.
(مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ قَيْسٍ عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ «كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَعَلَّكَ أَذَاكَ هَوَامُّكَ فَقُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: احْلِقْ رَأْسَك وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ أَوْ اُنْسُكْ بِشَاةٍ» ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ دُونَ غَيْرِهَا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: يَجُوزُ أَنْ يَنْسُكَ بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً وَقَدْ نَصَّ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الشَّاةِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَدْنَى مَا يُجْزِئُ وَلَا يُقَلَّدُ النُّسُكُ وَلَا يُشْعَرُ وَلَا يُسَاقُ مِنْ حِلٍّ إلَى حَرَمٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَجْعَلَهُ هَدْيًا فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ وَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْهَدْيِ بِهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَالْإِطْعَامُ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ عَلَى مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ فَلَا يَقْصُرُ عَنْهُ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنَّمَا عَلَيْهِ مُدَّانِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مِنْ عَيْشِ الْبَلَدِ شَعِيرٍ أَوْ بُرٍّ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: يُجْزِئُهُ الشَّعِيرُ إنْ كَانَ طَعَامُهُ حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَ طَعَامُهُ ذُرَةً نَظَرَ إلَى مَا يُجْزِئُهُ مِنْ الْقَمْحِ فَزِيدَ فِي الذُّرَةِ حَتَّى يَبْلُغَ بِذَلِكَ إجْزَاءَ الْحِنْطَةِ فِي الشِّبَعِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الشَّعِيرَ عِنْدَهُ مِنْ جِنْسِ الْقَمْحِ فَمَا كَانَ قُوتُهُ أَخْرَجَ مِنْهُ كَمَا يُخْرِجُ عَنْ الضَّأْنِ وَالْمَاعِزِ الْأَغْلَبَ مِنْهَا لَمَّا كَانَتَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَلَا يُخْرِجُ عَنْ أَحَدِهِمَا بَقَرًا وَلَا غَيْرَهَا لَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْجِنْسِ ص.
(مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ قَيْسٍ عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ «كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَعَلَّكَ أَذَاكَ هَوَامُّكَ فَقُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: احْلِقْ رَأْسَك وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ أَوْ اُنْسُكْ بِشَاةٍ» ) .
(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَعَلَّكَ أَذَاكَ هَوَامُّكَ» يُرِيدُ الْقَمْلَ فَهُوَ هَوَامُّ الْإِنْسَانِ الْمُخْتَصُّ بِجَسَدِهِ فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثْرَتَهَا سَأَلَهُ عَنْ تَأَذِّيهِ بِهَا فَأَعْلَمَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ لَهُ: احْلِقْ رَأْسَك يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ النَّدْبِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْإِبَاحَةِ ثُمَّ أَعْلَمَهُ بِمَا يَلْزَمُهُ فِي حَلْقِ رَأْسِهِ وَهِيَ الْفِدْيَةُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إزَالَةَ الْقَمْلِ عَنْ رَأْسِ الْإِنْسَانِ مَمْنُوعٌ وَمِمَّا يَجِبُ بِهِ الْفِدْيَةُ وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ يَأْمُرُهُ بِمَشْطِ رَأْسِهِ وَاسْتِعْمَالِ مَا يَقْتُلُهَا وَيُزِيلُهَا مَعَ بَقَاءِ شَعْرِهِ لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ الضَّرُورَةُ تُبِيحُ الْأَمْرَيْنِ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَجِبُ بِإِزَالَتِهَا فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ أَقْرَبُ تَنَاوُلًا فِيمَا يُرِيدُ وَأَعَمُّ مَنْفَعَةً وَرَاحَةً أَمَرَهُ بِالْحِلَاقِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَهَذَا حُكْمُ إزَالَةِ الْقَمْلِ عَنْ الْجَسَدِ فِي الْمَنْعِ مِنْهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّ أَخْذَ الْقَمْلَةِ مِنْ الْجَسَدِ مُبَاحٌ وَلَا شَيْءَ فِيهِ وَفِي أَخْذِهَا مِنْ الرَّأْسِ الْفِدْيَةُ بِشَيْءٍ لَا لِأَجْلِ الْقَمْلَةِ وَلَكِنْ لِأَنَّهُ تَرَفَّهَ بِأَخْذِ الْهَوَامِّ مِنْ رَأْسِهِ وَأَزَالَ الْأَذَى وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا أَزَالَ قَمْلَةً مِنْ حَبْسِهَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَكَانَ مَمْنُوعًا مِنْ ذَلِكَ يَجِبُ بِهِ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ أَصْلُ ذَلِكَ إذَا أَخَذَهَا مِنْ رَأْسِهِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَهَذَا لِمَنْ قَصَدَ إزَالَةَ الشَّعْرِ فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَقْصِدْ إزَالَتَهُ وَإِنَّمَا قَصَدَ إلَى فِعْلٍ آخَرَ فَكَانَ سَبَبُهَا تَسَاقُطَ شَعْرٍ مِنْ لِحْيَتِهِ أَوْ رَأْسِهِ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ فِيمَنْ سَقَطَ مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ شَيْءٌ لِحَمْلِ مَتَاعِهِ أَوْ جَرِّ يَدِهِ عَلَى لِحْيَتِهِ فَتَسَاقَطَ مِنْهَا الشَّعْرَةُ أَوْ الشَّعْرَتَانِ أَوْ اغْتَسَلَ تَبَرُّدًا فَتَسَاقَطَ مِنْهُ شَعْرٌ كَثِيرٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إزَالَتَهُ وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ كُلِّ مَا يَجُرُّ ذَلِكَ وَيُسَبِّبُهُ لَامْتَنَعَ مِنْ أَكْثَرِ التَّصَرُّفِ وَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالرُّكُوبِ وَمَسْحِ الْوَجْهِ فَإِذَا كَانَتْ مُبَاحَةً لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ إلَيْهَا وَكَانَ الْمُعْتَادُ تَسَاقُطَ الشَّعْرِ بِهَا اسْتَحَالَ أَنْ يَجِبَ شَيْءٌ بِذَلِكَ ص.
(مَالِكٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخُرَاسَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ بِسُوقِ الْبُرَمِ بِالْكُوفَةِ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: «جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا أَنْفُخُ تَحْتَ قِدْرٍ لِأَصْحَابِي وَقَدْ امْتَلَأَ رَأْسِي وَلِحْيَتِي قَمْلًا فَأَخَذَ بِجَبْهَتِي ثُمَّ قَالَ احْلِقْ هَذَا الشَّعْرَ وَصُمْ ثَلَاثَةً أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي مَا أَنْسُكُ بِهِ» ) .
(ش) : قَوْلُهُ جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَرَّ بِهِ فِي طَرِيقِهِ لِأَمْرٍ مَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَصَدَهُ عَلَى مَا يَفْعَلُ الْمُتَوَاضِعُ مِنْ زِيَارَةِ أَصْحَابِهِ وَتَفَقُّدِ أَحْوَالِهِمْ وَلَعَلَّهُ قَدْ بَلَغَهُ مَا بَلَغَ بِهِ مِنْ الْهَوَامِّ فَقَصَدَهُ لِذَلِكَ لِيُحَقِّقَ حَالَ ضَرُورَتِهِ وَيَأْمُرَهُ بِمَا يَجِبُ لَهُ وَعَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَتَنَاوَلَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ النَّفْخَ تَحْتَ الْقِدْرِ لِأَصْحَابِهِ مُسَارَعَةً إلَى خِدْمَتِهِمْ فَإِنَّ الْأَجْرَ فِي خِدْمَةِ الرُّفَقَاءِ جَزِيلٌ وَلَا يَمْتَنِعُ الْمُحْرِمُ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ خَافَ أَنْ يَلْحَقَ لَهَبُ النَّارِ شَعْرَهُ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ مَالِكٌ