(ص) : (قَالَ مَالِكٌ: وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ النُّسُورِ أَوْ الْعُقْبَانِ أَوْ الْبُزَاةِ أَوْ الرُّخْمِ فَإِنَّهُ صَيْدٌ يُودَى كَمَا يُودَى الصَّيْدُ إذَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ: وَكُلُّ شَيْءٍ فُدِيَ فَفِي صِغَارِهِ مِثْلُ مَا يَكُونُ فِي كِبَارِهِ وَإِنَّمَا مِثْلُ ذَلِكَ مِثْلُ دِيَةِ الْحُرِّ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ فَهُمَا بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ) .

[فدية من أصاب شيئا من الجراد وهو محرم]

فِدْيَةُ مَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ الْجَرَادِ وَهُوَ مُحْرِمٌ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنِّي أَصَبْت جَرَادَاتٍ بِسَوْطِي وَأَنَا مُحْرِمٌ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَطْعِمْ قَبْضَةً مِنْ طَعَامٍ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَسَأَلَهُ عَنْ جَرَادَةٍ قَتَلَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ: تَعَالَ حَتَّى نَحْكُمَ فَقَالَ كَعْبٌ: دِرْهَمٌ فَقَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ: إنَّك لَتَجِدُ الدَّرَاهِمَ لَتَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــQتَكَرُّرَ إشَاعَةٍ وَإِذَاعَةٍ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا إلَّا بَعْدَ الْحُكْمِ بِهَا وَتَكْرِيرِ الِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ إنَّ فِي بَيْضَةِ النَّعَامَةِ عُشْرُ ثَمَنِ الْبَدَنَةِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ فِيهَا جَزَاءٌ مِنْ النَّعَمِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ عُشْرِ الْبَدَنَةِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ عَنْزٍ لِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهَا فِي النَّعَمِ وَإِنَّمَا جَزَاؤُهَا عُشْرُ قِيمَةِ الْبَدَنَةِ الَّتِي هِيَ جَزَاءُ النَّعَامَةِ وَبَيَّنَ مَالِكٌ ذَلِكَ بِأَنَّ مَا قَالَهُ قِيَاسًا عَلَى دِيَةِ الْجَنِينِ غُرَّةٌ قِيمَتُهَا خَمْسُونَ دِينَارًا أَوْ هِيَ عُشْرُ دِيَةِ الْحُرَّةِ لِأَنَّ دِيَتَهَا خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ.

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ النُّسُورِ أَوْ الْعُقْبَانِ أَوْ الرُّخْمِ أَوْ الْبُزَاةِ فَإِنَّهُ صَيْدٌ يُرِيدُ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ يَأْكُلُ الْجِيَفَ فَإِنَّهُ لَا يَجْرِي مَجْرَى الْحِدَأَةِ وَالْغِرْبَانِ فِي اسْتِبَاحَةِ الْمُحْرِمِ قَتْلَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْهُ مَا يَتَأَنَّسُ وَيُصَادُ فَإِنَّهُ لَا يَجْرِي مَجْرَى الْإِنْسِيِّ وَلَا يَجْرِي إلَّا مَجْرَى الْوَحْشِيِّ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ الْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ فَمَا كَانَ مِنْهُ لَهُ مِثْلٌ مِنْ النَّعَمِ خُيِّرَ بَيْنَ مِثْلِهِ أَوْ الْإِطْعَامِ وَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ خُيِّرَ بَيْنَ الْإِطْعَامِ أَوْ الصِّيَامِ.

(ش) : قَوْلُهُ كُلُّ شَيْءٍ فُدِيَ فَفِي صِغَارِهِ مِثْلُ مَا فِي كِبَارِهِ تَقْرِيرٌ لِهَذَا الْحُكْمِ وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّ كُلَّ مَا يَفْدِيهِ الْمُحْرِمُ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِي صِغَارِهِ مِثْلُ مَا يَجِبُ فِي كِبَارِهِ لِأَنَّ طَرِيقَ ذَلِكَ كَفَّارَةٌ كَقَتْلِ الْخَطَأِ يَجِبُ مِنْ الْكَفَّارَةِ بِقَتْلِ الصَّغِيرِ مِثْلُ مَا يَجِبُ بِقَتْلِ الْكَبِيرِ وَبَيَّنَ ذَلِكَ بِأَنَّ دِيَةَ الْحُرِّ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ سَوَاءٌ فَمَثَّلَ ذَلِكَ بِالْفِدْيَةِ وَتَمْثِيلُهُ بِالْكَفَّارَةِ أَوْلَى لِمَا قَدَّمْنَاهُ وَبِهِ قَالَ عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّمَا يُخْرِجُ فِي فَرْخِ النَّعَامَةِ فَصِيلًا وَفِي صَغِيرِ وَلَدِ الضَّبُعِ صَغِيرًا مِنْ وَلَدِ النَّعَمِ وَفِي جَحْشِ حِمَارِ الْوَحْشِ عِجْلًا وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُوجِبُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الْقِيمَةَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] إلَى قَوْلِهِ {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] فَقَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هَدْيًا وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِنَا بِأَنَّهُ إنَّمَا يُخْرِجُ عَلَى وَجْهِ الْكَفَّارَةِ فَنَقُولُ لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ فَخَرَجَ بِاسْمِ التَّكْفِيرِ فَلَمْ يَخْتَلِفْ بِاخْتِلَافِ الْمُتْلَفِ فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ كَالْعِتْقِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ.

[فِدْيَةُ مَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ الْجَرَادِ وَهُوَ مُحْرِمٌ]

(ش) : قَوْلُ عُمَرَ أَطْعِمْ قَبْضَةً مِنْ طَعَامٍ يُرِيدُ أَنَّهَا أَخَفُّ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ وَهِيَ تُجْزِئُ عَنْ الْجَرَادِ وَكَذَلِكَ يَقُولُ مَالِكٌ مَنْ أَصَابَ جَرَادَةً فَعَلَيْهِ قَبْضَةُ طَعَامٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَعِنْدِي أَنَّهُ لَوْ شَاءَ الصِّيَامَ لَحَكَمَ بِصِيَامِ يَوْمٍ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ إجْمَاعٌ وَإِنَّمَا سَارَعَ الْفُقَهَاءُ إلَى إيجَابِ قَبْضَةٍ مِنْ الطَّعَامِ لِعِلْمِهِمْ أَنَّهَا أَسْهَلُ عَلَى مَنْ أَصَابَ الْجَرَادَةَ مِنْ صِيَامِ يَوْمٍ فَاسْتَغْنَى فِي ذَلِكَ عَنْ الْإِعْلَانِ بِالتَّخْيِيرِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا حُكْمُ الذُّبَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْحَشَرَاتِ مَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَدَاهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْخَنَافِسِ وَالْجُعْلَانِ وَبَنَاتِ وَرْدَانَ وَالْعَصَا وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ قَتْلُهُ مُبَاحٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ قَتَلَهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَهَذَا حُكْمُ مَنْ تَعَمَّدَ قَتْلَهَا وَأَصَابَهَا خَطَأً وَهُوَ بِمَكَّةَ لِعُسْرِ التَّحَرُّزِ مِنْهَا وَلِذَلِكَ لَمْ يَسْأَلْهُ عُمَرُ هَلْ أَصَابَ الْجَرَادَةَ خَطَأً أَوْ عَمْدًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015