ص (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا إذَا رَمَوْا الْجِمَارَ مَشَوْا ذَاهِبِينَ وَرَاجِعِينَ وَأَوَّلُ مَنْ رَكِبَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ يَرْمِيَ الْجِمَارَ لِأَنَّهُ قَدْ فَاتَهُ أَنْ يَتَعَجَّلَ فِي وَقْتِ التَّعْجِيلِ وَهُوَ مَا بَيْنَ أَنْ يَرْمِيَ الْجِمَارَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَبَيْنَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ.

(مَسْأَلَةٌ)

وَأَمَّا حُكْمُ التَّعْجِيلِ فَإِنَّ الْحَاجَّ إمَامٌ أَوْ مُؤْتَمٌّ بِهِ فَأَمَّا الْإِمَامُ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: مَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ لَهُ رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُقْتَدَى بِهِ وَالتَّأْخِيرُ لَهُ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ إتْمَامٌ لِلْمَنَاسِكِ وَاسْتِيعَابٌ لَهَا وَالْإِتْيَانُ بِالْعِبَادَةِ وَالنُّسُكِ عَلَى أَكْمَلِ هَيْئَاتِهَا فَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ لِلنَّاسِ الْحَجَّ عَلَى أَتَمِّ هَيْئَاتِهِ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ.

(مَسْأَلَةٌ)

وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ بِإِمَامٍ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مَكِّيًّا أَوْ غَيْرَ مَكِّيٍّ فَإِنْ كَانَ مَكِّيًّا فَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ فَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَالَ: لَا أَرَى ذَلِكَ لَهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ عُذْرٌ مِنْ تِجَارَةٍ أَوْ قَرْضٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَدْ كَانَ قَالَ لِي قَبْلَ ذَلِكَ لَا بَأْسَ بِهِ وَهُوَ كَأَهْلِ الْآفَاقِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهُوَ أَحَبُّ قَوْلِهِ إلَيَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] وَهَذَا عَامٌّ فِي أَهْلِ مَكَّةَ وَغَيْرِهِمْ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا عُذْرَ لِأَهْلِ مَكَّةَ فِي سُرْعَةِ النَّفْرِ وَالتَّعَجُّلِ لِأَنَّهُ لَا يَدْعُوهُمْ إلَى ذَلِكَ الرُّجُوعُ مَعَ الرُّفْقَةِ وَالْجِيرَانِ لِمَا يَخَافُ مِنْ فَوَاتِ ذَلِكَ لِمَنْ تَأَخَّرَ عَنْهُمْ وَلَا طُولُ السَّفَرِ وَبُعْدُ الْمَسَافَةِ وَأَمَّا أَهْلُ الْآفَاقِ فَتَدْعُوهُمْ إلَى ذَلِكَ الدَّوَاعِي الَّتِي ذَكَرْنَاهَا.

(مَسْأَلَةٌ)

وَأَمَّا أَهْلُ الْآفَاقِ فَلَهُمْ التَّعْجِيلُ وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ لَهُمْ ذَلِكَ وَإِنْ أَقَامُوا بِمَكَّةَ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ حَبِيبٍ: إنَّ ذَلِكَ لِأَهْلِ مَكَّةَ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِمْ إلَّا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبِيتُوا بِمَكَّةَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] وَمِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نُعْمٍ الدِّيلِيِّ «شَهِدْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيَّامَ مِنًى يَتْلُو {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] ثُمَّ أَرْدَفَ رَجُلًا فَجَعَلَ يُنَادِي بِهَا فِي النَّاسِ» وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الْمَكِّيَّ يَرْجِعُ إلَى بَيْتِهِ وَقَدْ انْتَهَى سَفَرُهُ وَغَيْرَ الْمَكِّيِّ مُقَامُهُ بِمِنًى كَمُقَامِهِ بِمَكَّةَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّعَجُّلُ إذَا احْتَاجَ إلَى سُرْعَةِ السَّفَرِ فَلَا يَبِيتُ بِمَكَّةَ.

(فَرْعٌ)

فَإِنْ قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فَمَنْ تَعَجَّلَ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ فَبَاتَ بِمَكَّةَ وَلَمْ يَرْجِعْ إلَى مِنًى فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: عَلَيْهِ الدَّمُ الَّذِي يَجِبُ عَلَى مَنْ لَمْ يَرْمِ وَكَانَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُوجِبَ عَلَيْهِ دَمًا لِتَرْكِ الْمَبِيتِ بِمِنًى وَدَمًا لِتَرْكِ الرَّمْيِ مِنْ الْغَدِ.

(فَصْلٌ)

وَقَوْلُهُ فَلَا يَنْفِرَنَّ حَتَّى يَرْمِيَ الْجِمَارَ مِنْ الْغَدِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمَّا لَزِمَهُ الْمَبِيتُ لَزِمَهُ رَمْيُ الْجِمَارِ مِنْ الْغَدِ لِأَنَّ الْمَبِيتَ مِنْ أَجْلِهَا وَيَقْتَضِي ذَلِكَ الْمُقَامَ بِالنَّهَارِ بِمِنًى وَهُوَ عِنْدَ مَالِكٍ مَشْرُوعٌ لَا يَزُولُ الْحَاجُّ مِنْ مِنًى أَيَّامَ التَّشْرِيقِ إلَّا لِعُذْرٍ وَلَا يُكْثِرُ مِنْ ذَلِكَ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ لَا يَجِبُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَنَفَّلَ بِطَوَافٍ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ فِي أَيَّامِ مِنًى فَإِنْ فَعَلَ فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ: يَعْنِي أَنَّهُ إذَا طَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ رَجَعَ إلَى مِنًى وَلَا يَشْتَغِلُ بِشَيْءٍ غَيْرِهِ مِنْ طَوَافٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّ رُجُوعَهُ إلَى مِنًى أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ.

ش قَوْلُهُ كَانُوا إذَا رَمَوْا الْجِمَارَ يُرِيدُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مَشَوْا ذَاهِبِينَ إلَيْهَا وَرَاجِعِينَ عَنْهَا إلَى الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ وَأَمَّا رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَإِنَّ الرَّاكِبَ يَأْتِي عَلَى رَاحِلَتِهِ فَيَرْمِيهَا رَاكِبًا.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَبْسُوطِ: الشَّأْنُ يَوْمَ النَّحْرِ أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ رَاكِبًا كَمَا يَأْتِي النَّاسُ عَلَى دَوَابِّهِمْ وَأَمَّا فِي غَيْرِ يَوْمِ النَّحْرِ فَكَانَ يَقُولُ: يَرْمِي مَاشِيًا وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مُتَّصِلَةً بِوُرُودِهِ وَأَمَّا فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ فَإِنَّ الْمَشْيَ إلَيْهَا تَوَاضُعٌ وَيَحْتَاجُ إلَى الدُّعَاءِ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ فَلَوْ رَكِبَ النَّاسُ لَضَاقَ بِهِمْ الْمَكَانُ.

(فَصْلٌ)

وَقَوْلُهُ وَأَوَّلُ مَنْ رَكِبَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ لَعَلَّهُ يُرِيدُ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَمِمَّنْ يُقِيمُ لِلنَّاسِ أَمْرَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015