(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «عَنْ حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِك فَقَالَ: إنِّي لَبَّدْت رَأْسِي وَقَلَّدْت هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ» ) .
الْعَمَلُ فِي النَّحْرِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحَرَ بَعْضَ هَدْيِهِ وَنَحَرَ غَيْرُهُ بَعْضَهُ» ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْ آلِ مُحَمَّدٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ إلَّا بَقَرَةً وَاحِدَةً» .
وَأَمَّا الَّذِي يَمْنَعُ مِنْهُ الِاشْتِرَاكُ فَفِيمَنْ مَلَكَ الْهَدْيَ وَلَيْسَ مِنْ هَذَا السَّبِيلِ.
(فَصْلٌ)
وَقَوْلُهَا «نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَزْوَاجِهِ الْبَقَرَ» وَلَمْ يُعَيِّنْ مَا نَحَرَ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ لَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِنَّ بِلَحْمِ بَقَرٍ فَسَأَلَتْ عَنْهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّحْمَ الَّذِي دُخِلَ بِهِ عَلَيْهِنَّ مِنْ لَحْمِ مَا نَحَرَ عَنْهُنَّ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَيْضًا النَّحْرَ لِلْبَقَرِ.
وَقَدْ اخْتَارَ مَالِكٌ فِيهَا الذَّبْحَ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ فِيهَا النَّحْرُ غَيْرَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَرَدَ بِلَفْظِ النَّحْرِ وَوَرَدَ بِلَفْظِ الذَّبْحِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمَّا اسْتَوَى ذَلِكَ عِنْدَ الرَّاوِي لِلْحَدِيثِ عَبَّرَ عَنْ الذَّكَاةِ بِأَيِّ اللَّفْظَيْنِ أَمْكَنَهُ فَعَبَّرَ عَنْهَا مَرَّةً بِالذَّبْحِ وَمَرَّةً بِالنَّحْرِ.
(فَصْلٌ)
وَقَوْلُ الْقَاسِمِ أَتَتْك وَاَللَّهِ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ تَصْدِيقًا لِعَمْرَةَ وَإِخْبَارًا عَنْ حِفْظِهِمَا لِلْحَدِيثِ وَضَبْطِهَا لَهُ وَأَنَّهَا لَمْ تُغَيِّرْ شَيْئًا مِنْهُ بِتَأْوِيلٍ وَلَا تَجَوُّزٍ وَلَا غَيْرِهِ.
(ش) : «قَوْلُ حَفْصَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِك» يَحْتَمِلُ أَنْ تُرِيدَ بِهِ الْحَجَّ لِأَنَّ مَعْنَاهُمَا جَمِيعًا الْقَصْدُ يُقَالُ: حَجَّ الرَّجُلُ الْبَيْتَ إذَا قَصَدَهُ وَاعْتَمَرَهُ إذَا قَصَدَهُ فَلَمَّا كَانَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدًا عَبَّرَتْ عَنْ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاقِعًا فِي الشَّرْعِ عَلَى نَوْعٍ مَخْصُوصٍ مِنْ الْقَصْدِ وَالنُّسُكِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ حَفْصَةَ اعْتَقَدَتْ أَنَّهُ كَانَ مُعْتَمِرًا فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ عَلَى مَا اعْتَقَدَتْ فَأَعْلَمَهَا بِقَوْلِهِ «إنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ» أَنَّهُ مُحْرِمٌ إحْرَامًا لَا يُمْكِنُهُ التَّحَلُّلُ مِنْهُ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ عَارِيًّا مِنْ حَجٍّ وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَبَّدْت رَأْسِي وَقَلَّدْت هَدْيِي» مَا يَمْنَعُ مِنْ أَنْ يَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ الْمُفْرَدَةِ لِأَنَّ مَنْ لَبَّدَ رَأْسَهُ وَقَلَّدَ هَدْيَهُ وَأَحْرَمَ بِعُمْرَتِهِ يَنْحَرُ هَدْيَهُ وَيَحْلِقُ رَأْسَهُ عِنْدَ إكْمَالِهَا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ التَّلْبِيدِ وَالتَّقْلِيدِ أَنْ يُرْدِفَ عَلَيْهَا حَجَّةً وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا وَذَلِكَ أَنْ يُعْلِمَهَا أَنَّهُ لَبَّدَ رَأْسَهُ وَقَلَّدَ هَدْيَهُ لِلْحَجِّ فَلَا يُمْكِنُهُ التَّحَلُّلُ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ وَيَنْحَرَهُ بِمِنًى بَعْدَ كَمَالِ حَجَّتِهِ.
وَأَمَّا مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَتِهِ وَأَكْمَلَ عَمَلَهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُرْدِفَ الْحَجَّ عَلَيْهَا وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَحْلِقَ وَيَتَحَلَّلَ ثُمَّ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ إنْ شَاءَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي إرْدَافِهِ الْحَجَّ عَلَى عُمْرَةٍ قَدْ كَمُلَ عَمَلُهَا غَيْرُ تَأْخِيرِ الْحِلَاقِ وَذَلِكَ نَقْصٌ فِي النُّسُكِ يَجِبُ جُبْرَانُهُ بِالدَّمِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: كُرِهَ الْحِلَاقُ لِقُرْبِ الْحَجِّ عَلَى مَا كَرِهَ مَالِكٌ لِلْمُعْتَمِرِ أَنْ يَحْلِقَ إذَا قَرُبَ الْمَوْسِمُ وَإِنْ كَانَ يُسْتَحَبُّ الْحِلَاقُ لِغَيْرِهِ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إنَّهُ يُقَصِّرُ بَدَلًا مِنْ الْحِلَاقِ وَيُوَفِّرُ شَعْرَهُ لِحِلَاقِ الْحَجِّ فَيَجْمَعُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَحَفْصَةُ لَمْ تَسْأَلْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ تَرْكِ الْحِلَاقِ وَإِنَّمَا سَأَلَتْهُ عَنْ تَرْكِ التَّحَلُّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْعَمَلُ فِي النَّحْرِ]
(ش) : قَوْلُهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحَرَ بَعْضَ هَدْيِهِ» يَقْتَضِي مُبَاشَرَتَهُ لِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ يُقَالُ نَحَرَ بُدْنَهُ إذَا أَمَرَ مَنْ يَنْحَرُهَا إلَّا أَنَّ الْأَظْهَرَ مِنْ اللَّفْظِ مُبَاشَرَةُ ذَلِكَ لَا سِيَّمَا وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ «وَنَحَرَ غَيْرُهُ بَعْضَهُ» فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِمَا أَضَافَ إلَيْهِ نَحَرَهُ الْمُبَاشَرَةَ وَلِذَلِكَ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَمْ يُبَاشِرْهُ بِاللَّفْظِ وَلَوْ أَرَادَ أَنَّ غَيْرَهُ نَحَرَ مَا أَضَافَهُ إلَيْهِ لَجَمَعَ الْكُلَّ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَفْضَلَ مُبَاشَرَةُ مَنْ أَهْدَى نَحَرَ هَدْيَهُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّوَاضُعِ وَالْإِتْيَانِ بِتَمَامِ النُّسُكِ وَلِأَنَّهُ.