(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَهْدَى جَمَلًا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْقَارِئِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيَّ أَهْدَى بَدَنَتَيْنِ إحْدَاهُمَا بُخْتِيَّةٌ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ إذَا نَتَجَتْ النَّاقَةُ: فَلْيُحْمَلْ وَلَدُهَا حَتَّى يُنْحَرَ مَعَهَا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَحْمَلٌ حُمِلَ عَلَى أُمِّهِ حَتَّى يُنْحَرَ مَعَهَا) .

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالثَّانِيَةُ أَنْ يَنْحَرَ الْبُدْنَ قِيَامًا.

فَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي مُبَاشَرَةِ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَى أَنَسٌ قَالَ «وَنَحَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ سَبْعِينَ بَدَنَةً قِيَامًا» .

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي نَحْرِهَا قِيَامًا فَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ غَيْرِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي قَوْلِهِ تُنْحَرُ بَارِكَةً، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ أَنَسٍ الْمُتَقَدِّمُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ نَحَرَ سَبْعِينَ بَدَنَةً قِيَامًا» قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْإِبِلِ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ لِمَنْ يَنْحَرُهَا؛ لِأَنَّهُ يَطْعَنُ فِي لَبَتِّهَا وَأَمَّا الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ الَّتِي سُنَّتُهَا الذَّبْحُ فَإِنَّ إضْجَاعَهَا أَمْكَنُ لِتَنَاوُلِ ذَبْحِهَا فَالسُّنَّةُ إضْجَاعُهَا.

(فَرْعٌ) وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الشَّأْنَ أَنْ تُنْحَرَ الْبُدْنُ قَائِمَةً قَدْ صُفَّتْ يَدَاهَا بِالْقَيْدِ.

وَقَالَ ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: 36] وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا لَا يَعْقِلُهَا إلَّا مَنْ خَافَ أَنْ يَضْعُفَ عَنْهَا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فِي دَارِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ وَكَانَ فِيهَا مَنْزِلُهُ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يَنْحَرُ هَدْيَهُ فِي مَوْضِعِهِ وَلَا يُخْرِجُ هَدْيَهُ إلَى غَيْرِهِ وَلَعَلَّهُ كَانَ مَنْحَرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَنْحَرُ فِيهِ رَوَى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ كَانَ يَبْعَثُ بِهَدْيِهِ مِنْ جَمْعٍ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ حَتَّى يَدْخُلَ بِهِ مَنْحَرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ حُجَّاجٍ فِيهِمْ الْحُرُّ وَالْمَمْلُوكُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ يَنْحَرُ فِي مَوْضِعِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْحَرَ رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ» .

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَطْعَنُ فِي لَبَّةِ بَدَنَتِهِ حَتَّى خَرَجَتْ الْحَرْبَةُ مِنْ تَحْتِ كَتِفِهَا إخْبَارٌ مِنْهُ بِمَا شَاهَدَ مِنْ فِعْلِهِ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَلَا تَعَمُّدٍ كَانَ ذَلِكَ مِنْ سُنَّةِ النَّحْرِ عَلَى وَجْهِ وُجُوبٍ أَوْ نَدْبٍ فَإِنْ كَانَتْ الْمُبَالَغَةُ بِالطَّعْنِ فِي لَبَّةِ الْبَدَنَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْإِبِلِ مَأْمُورًا بِهَا لِيُتِمَّ الذَّكَاةَ وَلَا يُقَصِّرَ بِذَلِكَ تَقْصِيرًا لَمْ تَتِمَّ بِذَلِكَ الذَّكَاةُ كَإِمْرَارِ الشَّفْرَةِ عَلَى الْحَلْقِ فِي الذَّبْحِ فَإِنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي ذَلِكَ مَشْرُوعَةٌ لِتَيَقُّنِ تَمَامِ الذَّكَاةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَطْعُ الرَّأْسِ مَشْرُوعًا.

(ش) : وَهَذَا عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْبُدْنَ تَكُونُ مِنْ ذُكُورِ الْإِبِلِ وَإِنَاثِهَا وَإِنْ ذَلِكَ يَجُوزُ مَعَ الِاخْتِيَارِ دُونَ الضَّرُورَةِ وَالْعَدَمِ؛ لِأَنَّ الْأَظْهَرَ مِنْ حَالِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَوْنُهَا مِنْ إنَاثِ الْإِبِلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ مَعَ أَنَّ أَثْمَانَهَا إنَّمَا كَانَتْ فِي الْأَغْلَبِ أَقَلَّ مِنْ أَثْمَانِ الذُّكُورِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى قَصْدِهِ لِذَلِكَ وَاخْتِيَارِهِ إيَّاهُ؛ لِأَنَّهُ رَآهُ أَفْضَلُ أَوْ لِيُحْيِيَ سُنَّةَ الْجَوَازِ.

(ش) : هَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى وَرَوَاهُ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ نَجَابِيَّةٌ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ أَنْوَاعَ الْإِبِلِ كُلَّهَا تُجْزِئُ فِي الْهَدَايَا الْبُخْتُ، وَالنَّجْبُ وَالْعِرَابُ وَسَائِرُ أَنْوَاعِ الْإِبِلِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَنْوَاعِ الْبَقَرِ مِنْ الْجَوَامِيسِ وَالْبَقَرِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَنْوَاعِ الْغَنَمِ مِنْ الضَّأْنِ وَالْمَاعِزِ وَإِنَّمَا تَخْتَلِفُ فِي الْأَسْنَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : حَمْلُ مَا تُنْتِجُهُ النَّاقَةُ يَكُونُ إنْ كَانَتْ فِيهِ قُوَّةٌ عَلَى الْمَشْيِ فِي قُرْبِ الْمَكَانِ لِسَوْقِهِ مَعَهَا وَمُرَاعَاتِهِ لَهُ بِمَا يُرَاعِيهَا بِهِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ، وَخِيفَ عَلَيْهِ مِنْهُ فَلْيَحْمِلْهُ عَلَى مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الظَّهْرِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَحْمَلًا حَمَلَهُ عَلَى أُمِّهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ حَمْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ حَمَلَهُ عَلَى أُمِّهِ كَمَا لَوْ اُضْطُرَّ هُوَ إلَى رُكُوبِهَا وَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ أُمُّهُ عَلَى حَمْلِهِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُكَلَّفُ هُوَ حَمْلُهُ وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ حَمْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ وَهَلَكَ فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَا تَخْلُو الْبَدَنَةُ أَنْ تُنْتِجَ قَبْلَ إيجَابِهَا أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ نَتَجَتْ قَبْلَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ قَدْ نَوَى بِهَا الْهَدْيَ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عَنْهُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَنْحَرَ وَلَدَهَا مَعَهَا إنْ كَانَ قَدْ نَوَى بِهَا الْهَدْيَ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْ جُمْلَةِ مَا قَدْ نَوَى بِهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015