(ص) :.

(سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّا ذُكِرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ» فَقَالَ لَمْ أَسْمَعْ بِهَذَا وَلَا أَرَى أَنْ يَلْبَسَ الْمُحْرِمُ سَرَاوِيلَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ لُبْسِ السَّرَاوِيلَاتِ فِيمَا نَهَى عَنْهُ مِنْ لُبْسِ الثِّيَابِ الَّتِي لَا يَنْبَغِي لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَلْبَسَهَا وَلَمْ يَسْتَثْنِ فِيهَا كَمَا اسْتَثْنَى فِي الْخُفَّيْنِ) ..

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُحْرِمُ مَمْنُوعٌ عَنْ التَّرَفُّهِ؛ وَلِذَلِكَ مُنِعَ مِنْ حَلْقِ الشَّعْرِ وَإِلْقَاء التَّفَثِ وَإِزَالَةِ الْقَمْلِ عَنْ جَسَدِهِ وَأُمِرَ بِالتَّشَعُّثِ وَأَمَّا مَا كَانَ مَخِيطًا وَهُوَ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي يَحْصُلُ عَلَيْهَا بِالنَّسْجِ الْمُعْتَادِ دُونَ الْخِيَاطَةِ كَالْمِئْزَرِ الْمَرْقُوعِ فَلَا بَأْسَ بِلُبْسِهِ؛ لِأَنَّ التَّرَفُّهَ لَا يَحْصُلُ بِتِلْكَ الْخِيَاطَةِ وَلَا مَنْفَعَةَ فِيهَا إلَّا لِسَتْرِ الْعَوْرَةِ أَوْ دَفْعِ الْمَضَرَّةِ عَنْ الْجَسَدِ، وَالْمُحْرِمُ مَأْمُورٌ بِهَا فَلِذَلِكَ لَمْ يُمْنَعْ مَا يَخْتَصُّ بِهِمَا مِنْ اللِّبَاسِ؛ وَلِذَلِكَ لَوْ لَبِسَ الْقَمِيصَ أَوْ الْبُرْنُسَ أَوْ السَّرَاوِيلَاتِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُلْبَسُ عَلَيْهِ مَا لَيْسَ بِمَخِيطٍ لَمَا كَانَ بِذَلِكَ بَأْسٌ مِثْلُ أَنْ يُلْقِيَ الْقَمِيصَ عَلَى كَتِفَيْهِ وَيَأْخُذَ كُمَّيْهِ أَمَامَهُ، وَكَذَالِكَ الْبُرْنُسُ وَالْقَبَاءُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ يَحْصُلُ لَهُ دُونَ الْخِيَاطَةِ الَّتِي يَحْصُلُ الْمَنْعُ بِلُبْسِهَا.

وَقَدْ رَوَى إبَاحَةَ ذَلِكَ كُلِّهِ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَى عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ الِارْتِدَاءَ بِالسَّرَاوِيلِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي قُبْحُ الزِّيِّ كَمَا كُرِهَ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ لُبْسُ السَّرَاوِيلِ مَعَ الرِّدَاءِ دُونَ الْقَمِيصِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُدْخِلَ مَنْكِبَيْهِ دَاخِلَ الْقَبَاءِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ افْتَدَى وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى يُدْخِلَ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ إنَّ هَذَا لَبِسَ مَخِيطًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فَكَانَتْ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ كَمَا لَوْ أَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمِقْدَارُ مَا تَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ فِي لُبْسِ الْمَخِيطِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِذَلِكَ فَأَمَّا أَنْ يُحْرِمَهُ، ثُمَّ يُزِيلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَالِكَ الْخُفَّانِ وَالْمِقْدَارُ الَّذِي يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقْصِدَ دَفْعَ مَضَرَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَيَدْفَعُهُ عَنْ نَفْسِهِ فِي مُدَّةٍ طَالَتْ أَوْ قَصُرَتْ، وَالثَّانِي أَنْ يَطُولَ لُبْسُهُ كَالْيَوْمِ وَنَحْوِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ دَفْعَ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَإِنَّهُ قَدْ جَعَلَ لَهُ التَّرَفُّهَ بِنَفْسِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَا تَلْبَسُوا الْعَمَائِمَ فَإِنَّ لُبْسَ الْعَمَائِمِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ الْقَلَانِسِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ مَأْمُورٌ بِالشَّعَثِ، وَالْعِمَّةُ تَمْنَعُ مِنْهُ؛ وَلِأَنَّ إحْرَامَ الرَّجُلِ فِي رَأْسِهِ فَلَزِمَهُ كَشْفُهُ مُحْرِمًا وَلَا يَحِلُّ لَهُ سَتْرُهُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ مَعَ الْفِدْيَةِ لِاخْتِصَاصِ الْإِحْرَامِ بِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ.

1 -

(فَصْلٌ) وَقَوْلُهُ وَلَا الْخِفَافَ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ نَعْلَيْنِ مُنِعَ مِنْ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ لِمَا فِيهِمَا مِنْ صِيَانَةِ الرِّجْلِ وَتَرَفُّهِهِ إلَّا أَنْ تَدْعُوَ إلَيْهِمَا ضَرُورَةٌ لِعَدَمِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَيَلْبَسُهُمَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ» فَشَرَطَ فِي جَوَازِ لُبْسِهِمَا عِنْدَ عَدَمِ النَّعْلَيْنِ قَطْعَهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ وَحُكِيَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَابْنِ حَنْبَلٍ وَقَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ النَّعْلَيْنِ لَبِسَ الْخُفَّيْنِ التَّامِّينَ وَلَمْ يَقْطَعْهُمَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجَمَاعَةُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إلَّا أَحَدًا لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَيَلْبَسُ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ» وَهَذَا أَمْرٌ وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ حَالَةُ إحْرَامٍ فَلَا يَجُوزُ فِيهَا لُبْسُ الْخُفِّ التَّامِّ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى قَطْعِ أَصْلِ ذَلِكَ إذَا وَجَدَ النَّعْلَيْنِ وَدَلِيلٌ ثَانٍ أَنَّ هَذَا قَادِرٌ عَلَى قَطْعِ الْخُفِّ وَمُقَارَنَةِ النَّعْلَيْنِ لَهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَلْبَسَ الْخُفَّ التَّامَّ، كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَلْبَسَ الْخُفَّيْنِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى النَّعْلَيْنِ، أَمَّا هُمْ فَاحْتَجَّ مَنْ نَصَّ قَوْلَهُمْ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي يَأْتِي مُسْنَدًا بَعْدَ هَذَا وَهُوَ «وَمَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ» وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ حَفِظَ لُبْسَ الْخُفَّيْنِ وَنَقَلَهُ وَلَمْ يَنْقُلْ صِفَةَ لُبْسِهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَدْ نَقَلَ صِفَةَ لُبْسِهِ فَكَانَ أَوْلَى (ص) :.

(سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّا ذُكِرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ» فَقَالَ لَمْ أَسْمَعْ بِهَذَا وَلَا أَرَى أَنْ يَلْبَسَ الْمُحْرِمُ سَرَاوِيلَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ لُبْسِ السَّرَاوِيلَاتِ فِيمَا نَهَى عَنْهُ مِنْ لُبْسِ الثِّيَابِ الَّتِي لَا يَنْبَغِي لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَلْبَسَهَا وَلَمْ يَسْتَثْنِ فِيهَا كَمَا اسْتَثْنَى فِي الْخُفَّيْنِ) .

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ فِي السَّرَاوِيلِ وَعَلَى مَا رَأَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَلْبَسَهَا عَلَى حَسْبِ مَا تُلْبَسُ عَلَيْهِ كَمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَلْبَسَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015