(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَلَا تَجِبُ الصَّدَقَةُ عَلَى الْخَلِيطَيْنِ حَتَّى يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ قَالَ مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِأَحَدِ الْخَلِيطَيْنِ أَرْبَعُونَ شَاةً فَصَاعِدًا وَلِلْآخَرِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً كَانَتْ الصَّدَقَةُ عَلَى الَّذِي لَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الَّذِي لَهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ صَدَقَةٌ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاَلَّذِي لِابْنِ حَبِيبٍ عِنْدَهُ أَنَّهُ قَالَ وَلَوْ لَمْ يَجْمَعْهَا إلَّا فِي الرَّاعِي وَالْمَرْعَى وَتَفَرَّقَتْ فِي الْبُيُوتِ وَالْمُرَاحِ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ صَارَ الْفَحْلُ وَاحِدًا فَضَرَبَ هَذِهِ فَحْلَ هَذِهِ وَهَذِهِ فَحْلَ هَذِهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَاعٍ وَاحِدٌ لَمْ يَكُونَا خَلِيطَيْنِ وَهَذَا يَدُلُّ مِنْ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرَاعِ الرَّعْيَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ وَلَكِنَّهُ رَاعَاهُ لِنَفْسِهِ وَلِمَعْنَى غَيْرِهِ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ إنَّ الِاعْتِبَارَ فِي ذَلِكَ بِصِنْفَيْنِ أَيَّ صِنْفَيْنِ كَانَ.

فَوَجْهُ مَا حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ مَا يُعْتَبَرُ حَدُّ الِاجْتِمَاعِ وَالِافْتِرَاقِ كَانَ الْمُعْتَبَرَ بِاَلَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الِاجْتِمَاعُ وَيَكُونُ الْمُجْتَمِعُ تَبَعًا لَهُ كَالْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ.

وَوَجْهُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ أَنَّ بِالصِّنْفَيْنِ فَمَا زَادَ يَقَعُ الِارْتِفَاقُ الْمُؤَثِّرُ وَمَا قَصَرَ عَنْ ذَلِكَ فَشَيْءٌ يَسِيرٌ لَا يَقَعُ بِهِ الِارْتِفَاقُ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي الْخُلْطَةِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْخَلِيطَيْنِ بِعُرْفِ الشَّرْعِ هُوَ مَا تَقَدَّمَ وَصْفُنَا لَهُ فَإِنَّهُ لَا تَجِبُ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِمَا حَتَّى يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابُ مَاشِيَتِهِ وَذَلِكَ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ أَوْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ وَلِلْآخَرِ دُونَهُ أَوْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابٌ فَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ فِي مَاشِيَتِهِمَا نِصَابٌ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ إذَا بَلَغَتْ مَاشِيَتُهُمَا النِّصَابَ فَالزَّكَاةُ عَلَيْهِمَا وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنْ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ» وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ كُلَّ مَا لَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ إذَا كَانَ مُنْفَرِدًا فَإِنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ إذَا خَالَطَ غَيْرَهُ أَصْلُهُ إذَا كَانَ ذِمِّيًّا.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ رَجُلٌ خَالَطَ رَجُلًا بِبَعْضِ مَاشِيَتِهِ دُونَ بَعْضٍ فَإِنْ كَانَتْ غَنَمًا خَالَطَ مِنْهَا بِأَرْبَعِينَ صَاحِبَ أَرْبَعِينَ وَلَهُ أَرْبَعُونَ بِغَيْرِ خُلْطَةٍ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ يَكُونُ خَلِيطَهُ بِالثَّمَانِينَ فَتَجِبُ عَلَيْهِمَا شَاةٌ عَلَيْهِ ثُلُثَاهَا وَعَلَى صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ ثُلُثُهَا قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٌ لَا يَكُونُ خَلِيطَهُ إلَّا بِمَا خَالَطَهُ بِهِ يُزَكِّي الْمُخْتَلِطَةَ عَلَى حُكْمِ الْخُلْطَةِ فَيَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ نِصْفُ شَاةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِطْهُ إلَّا بِهَا وَيَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الثَّمَانِينَ ثُلُثَا شَاةٍ.

وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَالِكَ لِلثَّمَانِينَ لَمَّا اُعْتُبِرَ فِي حَقِّهِ وَمُخَالَطَتِهِ بِالْتِمَاسٍ فَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْأَرْبَعِينَ وَهَذَا الْجَوَابُ الَّذِي جَاوَبَ بِهِ مَالِكٌ عَلَى قَوْلِهِ إنَّ فِي الْأَوْقَاصِ الزَّكَاةَ وَعَلَى قَوْلِهِ إنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَوْقَاصِ شَيْءٌ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ شَاةٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ انْفَرَدَ كُلٌّ لَوَجَبَ عَلَيْهِ مِثْلُ مَا يَجِبُ عَلَى الْآخَرِ.

وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ صَاحِبَ الْأَرْبَعِينَ لَمْ يُخَالِطْ مِنْ مَالِ صَاحِبِ الثَّمَانِينَ إلَّا بِأَرْبَعِينَ فَلَا تَأْثِيرَ لِغَيْرِهَا فِي حُكْمِهِ هَذَا الَّذِي قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَنَّ صَاحِبَ الثَّمَانِينَ لَمْ يُخَالِطْ صَاحِبَ الْأَرْبَعِينَ مِنْ مَاشِيَتِهِ إلَّا بِأَرْبَعِينَ فَكَانَ يَجِبُ أَنْ لَا تُؤَثِّرَ خُلْطَتُهُ لَهُ فِي غَيْرِهَا.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَإِنَّ سَحْنُونًا قَالَ لَوْ لَمْ يُخَالِطْهُ صَاحِبُ الثَّمَانِينَ مِنْ غَنَمِهِ لَثَبَتَ حُكْمُ الْخُلْطَةِ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ مَالِهِ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ خَالَطَ بِبَعْضِ غَنَمِهِ رَجُلًا وَخَالَطَ بِبَعْضِهَا رَجُلًا آخَرَ وَفِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا نِصَابٌ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ مَنْ لَهُ ثَمَانُونَ خَالَطَ بِأَرْبَعِينَ مِنْهَا رَجُلًا وَبِأَرْبَعِينَ رَجُلًا آخَرَ فَإِنَّهُ خَلِيطٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِثَمَانِينَ فَعَلَى صَاحِبِ الثَّمَانِينَ شَاةٌ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيْهِ ثُلُثُ شَاةٍ وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا حُكْمُ خَلِيطَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابٌ فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ وَلِلْآخَرِ أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ كَانَ مَاشِيَةُ الَّذِي لَهُ نِصَابٌ تُؤْخَذُ مِنْهُ الصَّدَقَةُ دُونَ مَاشِيَةِ الَّذِي لَا نِصَابَ لَهُ وَحُكْمُهُ فِي زَكَاتِهِ حُكْمُ الْمُنْفَرِدِ وَعَلَى السَّاعِي أَنْ يَأْخُذَ الزَّكَاةَ مِنْ مَاشِيَتِهِ خَاصَّةً فَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ مَاشِيَةِ الَّذِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015