حِنْطَةً أَوْ تَمْرًا أَوْ غَيْرَهُمَا لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ يُمْسِكُهَا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، ثُمَّ يَبِيعَهَا أَنَّ عَلَيْهِ فِيهَا الزَّكَاةَ حِينَ يَبِيعُهَا إذَا بَلَغَ ثَمَنُهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِثْلَ الْحَصَادِ يَحْصُدُهُ الرَّجُلُ مِنْ أَرْضِهِ وَلَا مِثْلَ الْجِدَادِ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَمَا كَانَ مِنْ مَالٍ عِنْدَ رَجُلٍ يُدِيرُهُ لِلتِّجَارَةِ وَلَا يَنِضُّ لِصَاحِبِهِ مِنْهُ شَيْءٌ تَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ لَهُ شَهْرًا مِنْ السَّنَةِ يُقَوِّمُ فِيهِ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ عَرْضٍ لِلتِّجَارَةِ وَيُحْصِي فِيهِ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَيْنٍ فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ كُلُّهُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ)

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّهُ إذَا اشْتَرَى حِنْطَةً أَوْ تَمْرًا لِلتِّجَارَةِ، ثُمَّ بَاعَهُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَإِنَّهُ يُزَكِّي ثَمَنَهُ زَكَاةَ الْأَثْمَانِ وَلَا يُزَكِّيهِ زَكَاةَ الْحُبُوبِ؛ لِأَنَّ الْحُبُوبَ إنَّمَا تُزَكَّى زَكَاتُهَا عِنْدَ تَنْمِيَتِهَا عَلَى وَجْهِ الْحَرْثِ وَهُوَ الزِّرَاعَةُ وَالتَّنْمِيَةُ بِالتِّجَارَةِ إنَّمَا هِيَ تَنْمِيَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَالْمُرَاعَى فِي ذَلِكَ جِهَةُ التَّنْمِيَةِ فَإِذَا كَانَتْ مِنْ جِهَةِ الزِّرَاعَةِ رُوعِيَ نِصَابُ الْحَبِّ وَكَانَتْ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ، وَإِذَا كَانَتْ التَّنْمِيَةُ بِالتِّجَارَةِ رُوعِيَ نِصَابُ الثَّمَنِ وَكَانَتْ الزَّكَاةُ فِي قِيمَةِ الْحَبِّ دُونَ عَيْنِهِ وَأَمَّا الْمَاشِيَةُ فَإِذَا اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ فَإِنَّ زَكَاةَ الْمَاشِيَةِ أَحَقُّ بِهَا؛ لِأَنَّ تَنْمِيَتَهَا مِنْ جِهَةِ النَّسْلِ وَالْوِلَادَةِ بَائِنَةٌ فِيهَا مُتَمَكَّنٌ مِنْهَا لَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ التِّجَارَةُ فِيهَا بِخِلَافِ الْحَبِّ فَإِنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ تَنْمِيَةُ الزِّرَاعَةِ مَعَ تَنْمِيَةِ التِّجَارَةِ.

1 -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ يَشْتَرِي بِالذَّهَبِ أَوْ الْوَرِقِ حِنْطَةً أَوْ تَمْرًا أَوْ غَيْرَهُمَا لِلتِّجَارَةِ لَيْسَ عَلَى مَعْنَى الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ سَوَاءٌ اشْتَرَى الْحِنْطَةَ أَوْ التَّمْرَ بِالذَّهَبِ أَوْ الْعُرُوضِ هَذَا حُكْمُهَا فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَإِنَّمَا يُرَاعَى فِي بَيْعِهَا أَنْ يَنِضَّ فِي يَدَيْهِ ثَمَنُهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَسَنَذْكُرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ لِلتِّجَارَةِ يُدِيرُهُ وَلَا يَجْتَمِعُ بِيَدِهِ مِنْهُ عَيْنًا مَا لَهُ مِقْدَارٌ يُقْصَدُ لِلتِّجَارَةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَبِيعُ فِي غَالِبِ حَالِهِ بِالْيَسِيرِ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى قَدْرِ مَا يَطْلُبُ بِيَدِهِ ثُمَّ يَبْتَاعُ بِهِ تَوْفِيَةً وَلَا يَنْتَظِرُ سُوقَ نَفَاقٍ يَبِيعُ فِيهِ وَلَا سُوقَ كَسَادٍ يَشْتَرِي فِيهِ فَهَذَا الَّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمُدِيرِ وَحُكْمُهُ فِي الزَّكَاةِ أَنْ يَجْعَلَ لِنَفْسِهِ شَهْرًا يَكُونُ حَوْلَهُ فَيُقَوِّمَ فِيهِ مَا بِيَدِهِ مِنْ السِّلَعِ فَيُزَكِّيَ قِيمَتَهَا.

وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لَأَدَّى إلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا أَنْ لَا يُزَكِّيَ أَصْلًا وَقَدْ بَيَّنَّا وُجُوبَ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ أَوْ إلَى أَنْ نُكَلِّفَهُ مِنْ ضَبْطِ الْأَحْوَالِ وَحِفْظِهَا مَا لَا سَبِيلَ لَهُ إلَيْهِ.

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] ، وَإِذَا لَمْ يَجُزْ إسْقَاطُ الزَّكَاةِ وَلَمْ تَلْزَمْ هَذِهِ الْمَشَقَّةُ فَلَا بُدَّ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّقْوِيمِ عِنْدَ الْحَوْلِ وَمُضِيِّ مُدَّةٍ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ التَّنْمِيَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا الشَّهْرُ الَّذِي جَعَلَهُ حَوْلَهُ هُوَ رَأْسُ الْحَوْلِ مِنْ يَوْمِ كَانَ زَكَّى الْمَالَ قَبْلَ أَنْ يُدِيرَهُ أَوْ مِنْ يَوْمِ أَفَادَهُ، وَإِنْ كَانَ حَوْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ وَاحِدًا فَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَحْوَالُهُ فَعَلَى حَسَبِهَا اخْتِلَافُ أَصْحَابِنَا فِي ضَمِّ أَحْوَالِ الْفَائِدَةِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ يَجْعَلُ لَهُ شَهْرًا مِنْ السَّنَةِ يُقَوِّمُ فِيهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَصْرُوفٌ إلَى اخْتِيَارِهِ.

(فَصْلٌ) :

قَوْلُهُ يُقَوِّمُ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ وَيُحْصِي مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَيْنٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ بِكَلَامِهِ مَنْ حَالَ حَوْلُهُ وَعِنْدَهُ عَيْنٌ وَعَرْضٌ وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ بَيْعُهُ فِي أَكْثَرِ عَامِهِ بِالْعَيْنِ فَأَمَّا إنْ كَانَ يَبِيعُ فِي عَامِهِ كُلِّهِ بِالْعَرْضِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هُوَ مُدِيرٌ وَرَوَاهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ يُقَوِّمُ وَيُزَكِّي لِمَا يَنِضُّ لَهُ مِنْ الْعَيْنِ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ نَافِعٍ وَأَشْهَبُ لَيْسَ بِمُدِيرٍ، وَإِنَّمَا الْمُدِيرُ مَنْ يَبِيعُ بِالْعَيْنِ، وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْإِدَارَةَ إنَّمَا هِيَ لِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْتِبَاسِهَا لِتَدَاخُلِهَا وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِيمَنْ يَبِيعُ بِالْعَرْضِ.

وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ أَنَّ هَذَا لَمْ يَبِعْ بِعَيْنٍ فِي أَمَدِ حَوْلِهِ فَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ حَتَّى يَبِيعَ بِهِ كَالْمُدَّخِرِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُدَّخِرِ وَالْمُدِيرِ إلَّا أَنَّ الْمُدِيرَ يَبِيعُ بِالْعَيْنِ وَغَيْرِهِ وَالْمُدَّخِرَ يَبْقَى مَالُهُ عَرْضًا الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ فَإِذَا بَاعَ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015