(ص) : (وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَتَجَرَ فِيهَا فَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، وَقَدْ بَلَغَتْ عِشْرِينَ دِينَارًا إنَّهُ يُزَكِّيهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْ ذَلِكَ يُزَكِّي الرِّبْحَ.
وَقَالَ الْمُغِيرَةُ هُوَ فَائِدَةٌ وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ اخْتَلَفَ فِي زَكَاةِ الرِّبْحِ قَالَ مُطَرِّفٌ إنْ كَانَ لَهُ فِي ثَمَنِهَا دِينَارٌ وَاحِدٌ أَوْ أَقَلُّ فَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا أَنَّهُ يُزَكِّي الرِّبْحَ، وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ مَا يُخَالِفُ رِوَايَةَ مُطَّرِفِ فَقَالَ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِثَمَانِينَ فَنَقَدَ فِيهَا أَرْبَعِينَ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهَا ثُمَّ بَاعَهَا بِثَلَاثِمِائَةٍ عِنْدَ الْحَوْلِ يُزَكِّي الْأَرْبَعِينَ وَمَا قَابَلَهَا مِنْ الرِّبْحِ وَمَا بَقِيَ بِيَدِهِ فَائِدَةٌ وَجْهُ رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ أَنَّ أَصْلَ الْمَالِ لَمَّا كَانَ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ اسْتَنَدَ جَمِيعُ الرِّبْحِ إلَيْهِ فَزَكَّاهُ لِأَصْلِهِ كَمَنْ مَعَهُ عِشْرُونَ فَيَشْتَرِي بِعِشْرِينَ فَيَنْقُدُ مِنْهَا عَشَرَةً، ثُمَّ يَبِيعُ وَيَرْبَحُ عِشْرِينَ فَإِنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ يَسْتَنِدُ إلَى مَا لَهُ فِيهِ مِنْ النَّقْدِ، وَرِوَايَةُ ابْنِ نَافِعٍ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ مَنْ اشْتَرَى بِدَيْنٍ لَا وَفَاءَ لَهُ عِنْدَهُ فَإِنَّ رِبْحَهُ فَائِدَةٌ فَإِذَا كَانَ قَدْ رَبِحَ فِيمَا اشْتَرَى أَصْلَ مَالِهِ وَذَلِكَ يُوجِبُ فِيهِ الزَّكَاةَ وَبِمَا اشْتَرَى عَلَى ذِمَّتِهِ وَذَلِكَ يَنْفِي عَنْهُ الزَّكَاةَ وَجَبَ أَنْ تَسْقُطَ عَنْهُمَا فَمَا قَابَلَ مَا زَكَّى أَصْلَهُ زَكَّى مِنْ الرِّبْحِ وَمَا قَابَلَ مَا لَا يُزَكَّى أَصْلُهُ لَمْ يُزَكَّ.
(فَصْلٌ) :
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَضُمُّ الرِّبْحَ إلَى أَصْلِهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ نِصَابًا وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا نَمَاءٌ حَادِثٌ عَنْ أَصْلٍ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَإِذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَصْلِ كَانَ حَوْلُهُ حَوْلَ أَصْلِهِ كَالسِّخَالِ مَعَ الْأُمَّهَاتِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَمَنْ كَانَتْ لَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَأَنْفَقَ مِنْهَا خَمْسَةً وَاشْتَرَى بِسَائِرِهَا سِلْعَةً فَبَاعَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا اشْتَرَى السِّلْعَةَ قَبْلَ الْإِنْفَاقِ بَعْدَ الْحَوْلِ زَكَّى الْعِشْرِينَ، وَإِنْ اشْتَرَى بَعْدَ الْإِنْفَاقِ أَوْ قَبْلَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ الْإِنْفَاقِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ إنْ اشْتَرَى بَعْدَ الْحَوْلِ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ اشْتَرَى قَبْلَ الْإِنْفَاقِ أَوْ بَعْدَهُ، وَإِنْ اشْتَرَى السِّلْعَةَ قَبْلَ الْحَوْلِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ اشْتَرَى قَبْلَ الْإِنْفَاقِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُزَكِّي حَتَّى يَبِيعَ بِعِشْرِينَ دِينَارًا سَوَاءٌ أَنْفَقَ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى السِّلْعَةَ بَعْدَ الْإِنْفَاقِ فَإِنَّهُ لَمْ يَكْمُلْ عِنْدَهُ قَطُّ نِصَابٌ؛ لِأَنَّهُ كَانَ بِيَدِهِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَأَنْفَقَ خَمْسَةً وَبَقِيَتْ بِيَدِهِ خَمْسَةٌ اشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً قِيمَتُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ مِثْقَالًا لَمْ يَجْتَمِعْ عِنْدَهُ نِصَابٌ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى السِّلْعَةَ قَبْلَ الْإِنْفَاقِ، ثُمَّ بَاعَ السِّلْعَةَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ قِيمَتَهَا كَانَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا فَكَمُلَ بِقِيمَتِهَا وَبِالْخَمْسَةِ دَنَانِيرَ النِّصَابُ بِيَدِهِ حِينَ. ابْتَاعَ السِّلْعَةَ فَوَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ وَوَجْهُ قَوْلِ الْمَخْزُومِيِّ أَنَّ الشِّرَاءَ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَالٍ قَدْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَوَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى قَبْلَ الْإِنْفَاقِ وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ السِّلْعَةَ لَمَّا اُشْتُرِيَتْ بِخَمْسَةٍ وَلَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي مُدِيرًا كَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ الْخَمْسَةِ حَتَّى تُبَاعَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَحْكُمُ لَهَا بِمَا بِيعَتْ بِهِ وَذَلِكَ وَقْتٌ قَدْ أَنْفَقَ فِيهِ الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ بِيَدِهِ فَلَا يَعْتَدُّ بِهَا فِي نِصَابِ الزَّكَاةِ وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ وَقْتَ الْبَيْعِ هُوَ وَقْتُ الْحَوْلِ لِغَيْرِ الْمُدِيرِ فَلَا يُزَكِّي إلَّا مَا كَانَ فِي مِلْكِهِ ذَلِكَ الْوَقْتَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَهَذَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ نَمَاءً فَإِنْ كَانَتْ فَائِدَةً فَإِنَّهَا لَا تُضَافُ إلَى الْأَصْلِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَصْلُ نِصَابًا أَوْ غَيْرَهُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنَّ الْفَائِدَةَ تُضَافُ إلَى النِّصَابِ فَتُزَكَّى لِحَوْلِهِ وَلَا تُضَافُ إلَى أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذِهِ فَائِدَةُ عَيْنٍ لَيْسَتْ مِنْ نَمَاءِ الْأَصْلِ فَلَمْ يَكُنْ حَوْلُهَا حَوْلَهُ كَمَا لَوْ كَانَ الْأَصْلُ أَقَلَّ مِنْ النِّصَابِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ لَا زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ زُكِّيَتْ يُرِيدُ أَنَّ الرِّبْحَ وَالْأَصْلَ قَدْ ثَبَتَ حَوْلُهُمَا يَوْمَ أُدِّيَتْ زَكَاتُهُمَا فَصَارَا شَيْئًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُمَا لَمَّا جَرَى فِيهِمَا الْحَوْلُ الْأَوَّلُ عَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ وَإِنْ تَأَخَّرَ مِلْكُ النَّمَاءِ عَنْ مِلْكِ الْأَصْلِ لَا يَمْنَعُ مِنْ ثُبُوتِ حُكْمِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ فِيهِ فَبِأَنْ يَجْرِي فِيهِمَا الْحَوْلُ الثَّانِي عَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ وَقَدْ تَسَاوَيَا فِي الْمِلْكِ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ أَوْلَى وَأَحْرَى.