(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ كَانَتْ عِنْدَهُ سِتُّونَ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ وَازِنَةٍ وَصَرْفُ الدِّرْهَمِ بِبَلَدِهِ ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ أَنَّهَا لَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عِشْرِينَ دِينَارًا عَيْنًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQنِصَابُ الْوَرِقِ وَالذَّهَبِ فِي الْبِلَادِ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ دَرَاهِمِهِمْ وَمِثْلُ هَذَا يَلْزَمُهَا فِي نِصَابِ الْحُبُوبِ وَالتَّمْرِ إنْ اخْتَلَفَتْ بِاخْتِلَافِ الْبَلَدِ فِي قَدْرِ الْكَيْلِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَعْتَبِرَ مِثْلَ هَذَا فِي كَيْلِ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَالْكَفَّارَاتِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَعْتَبِرَ هَذَا فِي أَرْبَاعِ صِقِلِّيَةَ فَإِنَّهُ بِهِ يَقَعُ الِاعْتِدَادُ عِنْدَهُمْ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدِّينَارِ إلَّا الِاسْمُ وَلَا تَأْثِيرَ لَهُ وَقَوْلُ سَحْنُونٍ هُوَ الصَّحِيحُ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ قَالَ الْقَاضِي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ عِنْدِي إجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إذَا نَقَصَ كُلُّ مِثْقَالٍ حَبَّةً أَوْ حَبَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ حَبَّاتٍ وَكَانَتْ تَجُوزُ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ فَفِيهَا الزَّكَاةُ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ عَلَى طَرِيقِ مَا ذَهَبْنَا إلَيْهِ إلَّا أَنَّ هَذَا أَمْرٌ لَا يَكَادُ أَيْضًا أَنْ يُوجَدَ بِأَنْ يُبَاعَ بِمِائَةِ دِينَارٍ أَوْ عِشْرِينَ يَنْقُصُ مِنْ كُلِّ دِينَارٍ مِنْهَا حَبَّتَانِ، ثُمَّ لَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ عِشْرِينَ دِينَارًا وَازِنَةً مَزِيَّةٌ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يُتَعَامَلَ بِهَا وَيُتَعَامَلَ بِالْمُوَازَنَةِ إلَّا أَنَّ الَّذِي يَدْفَعُ بِهَا فِي غَالِبِ الْحَالِ أَقَلُّ مِمَّا يَدْفَعُ بِالْمُوَازَنَةِ وَلِذَلِكَ فَرَّقَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ الصَّرْفِ بَيْنَ الْقَائِمَةِ وَالْفُرَادَى وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتَبَرَ بِجَوَازِهَا جَوَازُ الْوَازِنَةِ وَأَنْ تَكُونَ عِوَضًا فِي الْغَالِبِ عِوَضَ الْوَازِنَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ التَّفْرِيعِ مِنْ أَصْحَابِنَا عَلَى مَذْهَبِهِ وَالتَّأْوِيلِ لِقَوْلِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهَذَا عِنْدِي وَجْهٌ ثَالِثٌ فِي مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ إذَا كَانَتْ الْعِشْرُونَ دِينَارًا تَجُوزُ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ فَفِيهَا الزَّكَاةُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ اخْتِلَافُ أَصْحَابِنَا فِي ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ بِمَا يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ.
(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فِضَّةٌ لَا تَبْلُغُ النِّصَابَ فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مِنْ الذَّهَبِ مَا تَبْلُغُ النِّصَابَ؛ لِأَنَّ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ الْأَمْوَالِ فَإِنَّمَا نِصَابُهُ بِنَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ فَلَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ ثَلَاثُونَ شَاةً قِيمَتُهَا أَرْبَعُونَ شَاةً مِنْ غَيْرِهَا أَوْ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا فَلَا تَقَوَّمُ بِجِنْسِهَا وَلَا بِغَيْرِ جِنْسِهَا.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِنْ كَانَتْ الْفِضَّةُ أَوْ الذَّهَبُ تَبْلُغُ بِقِيمَةِ صِيَاغَتِهَا أَكْثَرَ مِنْ النِّصَابِ وَوَزْنُهَا أَقَلُّ مِنْ النِّصَابِ فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ زَكَاةُ الْعَيْنِ وَالِاعْتِبَارُ بِالْوَزْنِ وَالصِّيَاغَةِ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي الْوَزْنِ وَلَا هِيَ مِنْ جُمْلَةِ الْفِضَّةِ فَيَكْمُلُ بِهَا نِصَابُهَا (مَسْأَلَةٌ) وَالِاعْتِبَارُ فِي نِصَابِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ بِالْخَالِصِ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ يُخَالِطَهُمَا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي ضَرْبِهِ فَإِنَّهُ يَجْرِي مَجْرَاهَا فَأَمَّا إنْ كَانَ فِيهِمَا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْغِشِّ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ فِي الْوَزْنِ، وَإِنَّمَا يَجْرِي مَجْرَى الْعَرْضِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ كَانَ الْغِشُّ أَقَلَّ مِنْ الْفِضَّةِ سَقَطَ حُكْمُهُ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَ الْفِضَّةِ وَأَكْثَرَ وَجَبَ إسْقَاطُهُ وَالِاعْتِدَادُ بِالْفِضَّةِ خَاصَّةً وَإِلَى نَحْوِ هَذَا ذَهَبَ مَالِكٍ وَمِنْ أَصْحَابِنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْفَخَّارِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ أَنَّ هَذَا غِشٌّ فَلَمْ يُعْتَبَرْ بِهِ فِي وَزْنِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فِي نِصَابِ الزَّكَاةِ أَصْلُهُ إذَا بَلَغَ النِّصْفَ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَهَذَا عِنْدِي فِيمَا يَدْخُلُ عَلَى الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ مِنْ الْغِشِّ وَأَمَّا مَا يَكُونُ فِيهِ مِنْ أَصْلِ الْمَعْدِنِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ إلَّا بِالتَّخْلِيصِ فَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا فِيهِ نَصًّا وَعِنْدِي أَنَّهُ إذَا كَانَ فِيهِ مِنْ النُّحَاسِ وَغَيْرِهِ الْمِقْدَارُ الْيَسِيرُ جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِهِ فِي دَنَانِيرِهِمْ وَدَرَاهِمِهِمْ الطَّيِّبَةِ الْمَوْصُوفَةِ بِالْخَالِصَةِ فَإِنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِهِ، وَإِنْ أَمْكَنَ تَخْلِيصُهُ وَإِخْرَاجُهُ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا مِمَّا لَا يُوصَفُ الدِّينَارُ مَعَهُ بِالطَّيِّبِ، وَإِنَّمَا يُوصَفُ بِالرَّدَاءَةِ مِنْ أَجْلِهِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ وَلَا يُحْتَسَبُ فِي نِصَابِ الزَّكَاةِ إلَّا بِالطَّيِّبِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ وَذَلِكَ أَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا وُضِعْت فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي تَحْمِلُ الْمُوَاسَاةَ