(ص) : (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ» .
(ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ الْجُهَنِيَّ «قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي رَجُلٌ شَاسِعُ الدَّارِ فَمُرْنِي لَيْلَةً أَنْزِلُ لَهَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْزِلْ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ» .
(ص) : (مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّهُ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رَمَضَانَ فَقَالَ إنِّي أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فِي رَمَضَانَ حَتَّى تَلَاحَى رَجُلَانِ فَرَفَعْت فَالْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ» مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْمَنَامِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنِّي أَرَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجَبْهَةُ وَسَطُ الْجَارِحَةِ وَالْجَبِينَانِ يُكَتِّفَانِهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ جَبِينٌ وَقَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ هَاهُنَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ إنَّ لَيْلَةَ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ هِيَ التَّاسِعَةُ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ أَبُو سَعِيدٍ لِيُعَيِّنَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي لَيْلَةِ إحْدَى وَعِشْرِينَ لِمَا خَبَّرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ رَأَى أَنَّهُ يَسْجُدُ فِي صُبْحِهَا فِي مَاءٍ وَطِينٍ فَرَأَى هُوَ فِي صَبِيحَةِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَثَرَ الْمَاءِ وَالطِّينِ عَلَى جَبِينِهِ مِنْ سُجُودِهِ فِيهِ» ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ.
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُ ذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ سُورَةَ الْقَدْرِ ثَلَاثُونَ كَلِمَةً وَأَنَّ " هِيَ " مِنْهَا هِيَ الْكَلِمَةُ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ.
وَرُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِعَلَامَةٍ أَنْبَأَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَا أَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ فِي صُبْحِهَا بَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لَهَا، وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهَا تَكُونُ فِي جَمِيعِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا تَكُونُ فِي جَمِيعِ الْعَامِ وَلَعَلَّهُ حَمَلَ حَضَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْتِمَاسِهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي كُلِّ وِتْرٍ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ الْعَامِ خَاصَّةً، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(ش) : وَقَوْلُهُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ يَحْتَمِلُ أَنْ تُسَمَّى بِذَلِكَ لِعِظَمِ قَدْرِهَا أَيْ ذَاتُ الْقَدْرِ الْعَظِيمِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُسَمَّى بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَارِيَ تَعَالَى يُنَفِّذُ فِيهَا مَا قَدَّرَ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4] {أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} [الدخان: 5] وَيُحْتَمَلُ غَيْرُ ذَلِكَ.
(ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ» (ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ» مَعَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحَرَّوْهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَوَّلًا عَلِمَ أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فَأَخْبَرَ بِهِ، ثُمَّ أُعْلِمَ أَنَّهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ فَأَخْبَرَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ مَا قَدَّمْنَا أَوَّلًا أَنَّهُ حَضَّ عَلَى الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَنْ لَهُ بَعْضُ الْقُوَّةِ وَحَضَّ عَلَى السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى قِيَامِ جَمِيعِ الْعَشْرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَالسَّبْعُ الْأَوَاخِرُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا لَيْلَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ عَلَى التَّمَامِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ عَلَى النُّقْصَانِ وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ» ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(ش) : قَوْلُهُ إنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ الْجُهَنِيَّ قَالَ الْكَلْبِيُّ هُوَ ابْنُ أُنَيْسٍ بْنِ حَرَامٍ وَكَانَ مُهَاجِرًا أَنْصَارِيًّا عَقَبِيًّا قَالَ غَيْرُهُ يُكَنَّى بِأَبِي يَحْيَى فَسَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ يَنْزِلُ بِهَا إلَى الْمَدِينَةِ لِلصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِهَا خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرِيدُ لَيْلَةً لَهَا فَضِيلَةٌ تُرْجَى بَرَكَتُهَا وَاقَرَارُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ عَلَى ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ قَصْدِ مِثْلِ هَذَا (فَصْلٌ) : وَقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «انْزِلْ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ» يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ نَصَّ عَلَيْهَا عَلَى مَعْنَى التَّحَرِّي لَهَا وَأَنَّهَا عِنْدَهُ أَقْرَبُ إلَى أَنْ تَكُونَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ مِنْ سَائِرِ لَيَالِي الْوِتْرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَنُصَّ عَلَيْهَا لِفَضِيلَةٍ ثَبَتَتْ لَهَا عِنْدَهُ وَيُقَالُ إنَّ هَذِهِ اللَّيْلَةَ تُسَمَّى عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَيْلَةَ الْجُهَنِيِّ لَمَّا كَانَ سَبَبًا لِتَعْيِينِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.