(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَامَ حَجَّ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ «سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لِهَذَا الْيَوْمِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يَكْتُبْ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ وَأَنَا صَائِمٌ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ» ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــQنَجَّى اللَّهُ فِيهِ بَنِي إسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ أَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ» وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ قُرَيْشٌ تَصُومُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُومُهُ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ فَلَمَّا بُعِثَ تَرَكَ ذَلِكَ فَلَمَّا هَاجَرَ وَعَلِمَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ شَرِيعَةِ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ نَسَخَ وُجُوبَهُ (فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ مِنْ وَجْهَيْنِ مِنْ جِهَةِ فِعْلِهِ لَهُ وَمِنْ جِهَةِ أَمْرِهِ بِهِ وَقَوْلُهُ فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ كَانَ هُوَ الْفَرِيضَةَ وَتَرَكَ عَاشُورَاءَ يُرِيدُ أَنَّ رَمَضَانَ لَمَّا فُرِضَ وَرَدَ الشَّرْعُ بِنَسْخِ وُجُوبِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَلَيْسَ فِي الْأَمْرِ بِصَوْمِ رَمَضَانَ مَا يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ وُجُوبِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ إلَّا أَنَّهُ قُرِنَ بِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ جَمِيعُ الْفَرْضِ مِنْ الصَّوْمِ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ لِلَّذِي سَأَلَهُ عَنْ فَرِيضَةِ الصَّوْمِ فَقَالَ لَهُ شَهْرُ رَمَضَانَ فَقَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ فَقَالَ لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ.

1 -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَاحِقٌ بِسَائِرِ الْأَيَّامِ الَّتِي لَمْ يُمْنَعْ صَوْمُهَا وَلَا وَجَبَ وَلَكِنَّهُ مُسْتَحَبٌّ بِدَلِيلِ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ وَأَنَا صَائِمٌ «فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ» قَالَ أَشْهَبُ صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ يُسْتَحَبُّ لِمَا رُجِيَ مِنْ ثَوَابِ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَامَ حَجَّ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ «سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لِهَذَا الْيَوْمِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يَكْتُبْ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ وَأَنَا صَائِمٌ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ» ) .

ش قَوْلُهُ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ اسْتِدْعَاءَهُمْ لِيَسْمَعُوا هَذَا الْحَدِيثَ مِنْهُ وَيُبَلِّغُوهُ عَنْهُ وَيَكُونُ عِنْدَهُمْ مِنْهُ عِلْمٌ فَيُوَافِقُوهُ وَيُبَلِّغُوهُ إلَى النَّاسِ مَعَهُ وَقَوْلُهُ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لِهَذَا الْيَوْمِ هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يَكْتُبْ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ لَمْ يَفْرِضْهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ حِينَئِذٍ وَلَا أَوْجَبَهُ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهُ قَدْ كَانَ نُسِخَ بِرَمَضَانَ وَيُحْتَمَلُ عَلَى قَوْلِهِ مَنْ قَالَ إنَّ شَرِيعَةَ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَتْ شَرِيعَةً لَنَا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْهُ عَلَيْكُمْ، وَإِنَّمَا أَمَرْتُكُمْ أَنَا بِصِيَامِهِ رَجَاءَ الْفَضْلِ فِيهِ لِصِيَامِ مُوسَى لَهُ.

1 -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَأَنَا صَائِمٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَنْبِيهًا عَلَى فَضِيلَةِ الْيَوْمِ أَوْ عَلَى جَوَازِ صَوْمِهِ، ثُمَّ قَالَ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ تَصْرِيحٌ بِالتَّخْيِيرِ فِي ذَلِكَ لِئَلَّا يُعْتَقَدَ فِيهِ عِنْدَ نَسْخِ صَوْمِهِ الْمَنْعُ مِنْهُ جُمْلَةً.

(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَرْسَلَ إلَى الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّ غَدًا يَوْمُ عَاشُورَاءَ فَصُمْ وَأْمُرْ أَهْلَكَ أَنْ يَصُومُوا) .

ش قَوْلُ عُمَرَ إنَّ غَدًا عَاشُورَاءَ هُوَ اسْمُ الْيَوْمِ الْعَاشِرِ مِنْ شَهْرِ الْمُحَرَّمِ عِنْدَ مَالِكٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّهُ الْيَوْمُ التَّاسِعُ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا الِاسْمَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْعَشْرِ فَكَانَ أَظْهَرُ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ بَلْ يَلْزَمُهُ وَيَخْتَصُّ بِهِ وَأَمَّا الْيَوْمُ التَّاسِعُ فَإِنَّمَا سُمِّيَ التَّاسُوعَاءُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ إرْسَالَ عُمَرَ بِذَلِكَ إنَّمَا كَانَ فِي الْيَوْمِ التَّاسِعِ لِيَتَمَكَّنَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ وَمَنْ عِنْدَهُ مِنْ تَبْيِيتِ صِيَامِهِ لَيْلَةَ عَاشُورَاءِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ خَصَّ بِأَنْ لَمْ يُبَيِّتْ صَوْمَهُ حَتَّى أَصْبَحَ أَنْ يَصُومَهُ أَوْ بَاقِيَهُ إنْ أَكَلَ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَامَ إلَّا بِنِيَّةٍ قَبْلَ الْفَجْرِ كَسَائِرِ الْأَيَّامِ وَأَمَّا حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ أَنْ أَذِّنْ فِي النَّاسِ أَنَّ مَنْ كَانَ أَكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ فَإِنَّ هَذَا يَوْمَ عَاشُورَاءَ» فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَمَرَ بِهِ لَمَّا عَلِمَ صَوْمَ مُوسَى لَهُ فَإِنَّهُ طَرَأَ عِلْمُ الْوُجُوبِ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ فَكَانَ عَلَيْهِمْ الْإِمْسَاكُ وَلِذَلِكَ أَمَرَ مَنْ أَكَلَ بِالصِّيَامِ وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَطْرَأُ عَلَيْهِ الْعِلْمُ بِأَنَّ الْيَوْمَ الَّذِي هُوَ فِيهِ مِنْ رَمَضَانَ بَعْدَ مُضِيِّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015