(ص) : (سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ كَمْ هِيَ فَقَالَ رَكْعَتَانِ وَلَكِنْ يَبْدَأُ الْإِمَامُ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَخْطُبُ قَائِمًا وَيَدْعُو وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَيُحَوِّلُ رِدَاءَهُ حِينَ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَيَجْهَرُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بِالْقِرَاءَةِ وَإِذَا حَوَّلَ رِدَاءَهُ جَعَلَ الَّذِي عَلَى يَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ وَاَلَّذِي عَلَى شِمَالِهِ عَلَى يَمِينِهِ وَيُحَوِّلُ النَّاسُ أَرْدِيَتَهُمْ إذَا حَوَّلَ الْإِمَامُ رِدَاءَهُ وَيَسْتَقْبِلُونَ الْقِبْلَةَ وَهُمْ قُعُودٌ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخِلَافِ وَقَدْ حَكَى جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِنَا أَنَّ تَحْوِيلَ الرِّدَاءِ عَلَى مَعْنَى التَّفَاؤُلِ لِلِانْتِقَالِ مِنْ حَالِ الْجَدْبِ إلَى حَالِ الْخَصْبِ وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحِبُّ الْفَأْلَ الْحَسَنَ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَصِفَةُ تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ أَنْ يَجْعَلَ مَا عَلَى يَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ وَمَا عَلَى شِمَالِهِ عَنْ يَمِينِهِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ بِالْعِرَاقِ وَقَالَ بِمِصْرَ يُنَكِّسُ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَاهُ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَزَادَ فِيهِ سُفْيَانُ وَحَدَّثَنِي الْمَسْعُودِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ جَعَلَ الْيُمْنَى عَلَى الشِّمَالِ وَقَوْلُهُ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ أَظْهَرُ فِيمَا قُلْنَاهُ لِأَنَّ التَّنْكِيسَ لَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ التَّحْوِيلِ فِي الْأَظْهَرِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ حِينَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ يَقْتَضِي أَنَّ قَلْبَ الرِّدَاءِ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ مَتَى يَكُونُ فَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ إذَا فَرَغَ مِنْ الْخُطْبَةِ.
وَقَالَ عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ خُطْبَتِهِ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَيَدْعُو مَا شَاءَ ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَسْتَقْبِلُ النَّاسَ وَيُتِمُّ خُطْبَتَهُ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّهُ اخْتَارَ ذَلِكَ، وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ هَذِهِ خُطْبَةٌ مَشْرُوعَةٌ فَلَمْ يُسَنَّ قَطْعُهَا بِذِكْرٍ كَخُطْبَتَيْ الْعِيدَيْنِ وَوَجْهُ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ أَنَّ السُّنَّةَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ خُطْبَتَانِ لَا زِيَادَةَ عَلَيْهِمَا فَإِذَا أَتَى بِالدُّعَاءِ مُفْرَدًا كَانَ ذَلِكَ كَالْخُطْبَةِ الثَّالِثَةِ لِأَنَّ الدُّعَاءَ حِينَئِذٍ مُنْفَرِدٌ لَهُ حُكْمُ نَفْسِهِ وَإِذَا أَتَى بِهِ فِي نَفْسِ الْخُطْبَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ حُكْمُ نَفْسِهِ وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْخُطْبَةِ.
(ش) : قَوْلُهُ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ كَمْ هِيَ فَقَالَ إنَّ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ رَكْعَتَانِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ وَالْأَصْلُ فِيهِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَقَوْلُهُ إنَّهُ يَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ فَكَانَ يَقُولُ زَمَانًا إنَّ الْخُطْبَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَا فِي الْمُوَطَّأِ فَقَالَ الصَّلَاةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ، وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ الْأَوَّلِ مَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ يَدْعُو وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ ثُمَّ صَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ» وَثُمَّ تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذِهِ صَلَاةٌ لَمْ يَلْحَقْهَا تَغْيِيرٌ فَإِذَا سُنَّتْ لَهَا خُطْبَةٌ كَانَ الْقِيَاسُ الْإِتْيَانَ بِهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ كَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ.
وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هَذِهِ صَلَاةٌ نَافِلَةٌ شُرِعَتْ لَهَا خُطْبَةٌ فَكَانَتْ سُنَّتُهَا تَقْدِيمَ الصَّلَاةِ كَالْعِيدَيْنِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ ثُمَّ يَخْطُبُ قَائِمًا هُوَ سُنَّةُ خُطْبَةِ الصَّلَاةِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ قَائِمًا ثُمَّ يَقْعُدُ» كَمَا يَفْعَلُونَ الْآنَ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ يَجْهَرُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ هُوَ السُّنَّةُ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ صَلَاةٌ شُرِعَتْ لَهَا الْخُطْبَةُ فَكَانَ مِنْ سُنَّتِهَا الْجَهْرُ كَالْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا يَوْمُ عَرَفَةَ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ لَيْسَتْ لِلصَّلَاةِ وَإِنَّمَا هِيَ تَعْلِيمٌ لِلْحَجِّ فَبَيَّنَ ذَلِكَ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَمَّا كَانَتْ الْخُطْبَةُ لَهَا قُدِّمَ الْأَذَانُ قَبْلَهَا وَلَمَّا لَمْ تَكُنْ الْخُطْبَةُ لِلصَّلَاةِ يَوْمَ عَرَفَةَ أَجْزَأَ الْأَذَانُ بَعْدَهَا وَجُعِلَ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ عَلَى سُنَّتِهِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ وَيَسْتَقْبِلُونَ الْقِبْلَةَ وَهُمْ قُعُودٌ وَهَذَا أَيْضًا سُنَّةُ النَّاسِ فِي تَحْوِيلِهِمْ أَرْدِيَتَهُمْ لِأَنَّ الْإِمَامَ سُنَّتُهُ الْقِيَامُ فِي دُعَائِهِ فَكَانَ تَحْوِيلُهُ رِدَاءَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لِأَنَّهُ مَعْنًى يَفْعَلُهُ فِي نَفْسِ الدُّعَاءِ وَلِأَنَّ النَّاسَ