مَا يَفْعَلُ مَنْ جَاءَ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّهُ قَالَ دَخَلَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ النَّاسَ رُكُوعًا فَرَكَعَ ثُمَّ دَبَّ حَتَّى وَصَلَ الصَّفَّ مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَدِبُّ رَاكِعًا) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQصَلَاتِهِ وَلَعَلَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةٍ وَإِنَّمَا كَانَ جَالِسًا وَرَاءَهُ وَأَبُو جَعْفَرٍ يَتَنَفَّلُ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ الِالْتِفَاتَ وَلَوْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ فِي صَلَاةٍ لَاشْتَغَلَ بِهَا عَنْ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ.
[مَا يَفْعَلُ مَنْ جَاءَ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ]
(ش) : قَوْلُهُ فَوَجَدَ النَّاسَ رُكُوعًا يُرِيدُ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فَرَكَعَ دُونَ الصَّفِّ لَمَّا خَافَ أَنْ يَسْبِقَهُ الْإِمَامُ بِالرَّكْعَةِ ثُمَّ دَبَّ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الصَّفِّ، وَتَحْرِيرُ هَذَا أَنَّ مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَخَافَ أَنْ تَفُوتَهُ الرَّكْعَةُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ الصَّفَّ وَخَافَ إنْ كَبَّرَ لَا يَصِلُ أَوَّلَ الصَّفِّ حَتَّى يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ فَفِي الْمَبْسُوطِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ لَا يَرْكَعْ وَلْيَمْشِ عَلَى هَيِّنَتِهِ حَتَّى يَأْتِيَ الصَّفَّ فَيُكَبِّرَ وَيُصَلِّيَ مَا أَدْرَكَ فَهَذَا حُكْمُهُ إذَا كَانَ بِمَوْضِعِ ائْتِمَامِهِ مُصَلُّونَ قَلِيلٌ لَيْسُوا مِمَّنْ يَقُومُ بِهِمْ صَفٌّ وَلَا جُزْءٌ مِنْهُ لَهُ بَالٌ وَلَوْ أَدْرَكَ صَفًّا أَوْ جُزْءًا لَهُ بَالٌ مِنْ الصَّفِّ رَكَعَ بِهِ ثُمَّ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ مَنْ كَانَ فِي صَفٍّ فَرَأَى بَيْنَ يَدَيْهِ فُرْجَةً.
(فَرْعٌ) فَإِنْ كَبَّرَ قَبْلَ الصَّفِّ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُخِلَّ بِشَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا تَرَكَ الْأَفْضَلَ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ كَبَّرَ دُونَ الصَّفِّ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ رَوَى أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُكَبِّرُ دُونَ الصَّفِّ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُكَبِّرُ وَلَا يَرْكَعُ حَتَّى يَأْخُذَ مُقَامَهُ مِنْ الصَّفِّ أَوْ يُقَارِبَهُ وَأَمَّا مَا كَانَ بَعِيدًا فَلَا أُحِبُّهُ، وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ مُرَغَّبٌ فِيهَا وَهُوَ مُضَعَّفٌ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً وَلَا يَأْمَنُ أَنْ يَسْبِقَهُ الْإِمَامُ بِرَفْعِ رَأْسِهِ فَتَفُوتُهُ بِذَلِكَ فَاسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَرْكَعَ دُونَ الصَّفِّ ثُمَّ يَدْخُلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الصَّفِّ فَهُوَ أَمْرٌ لَا يَفُوتُهُ فَيَجِبُ أَنْ يُقَدِّمَ مَا يَخَافُ فَوَاتَهُ، وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ مَا رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَجْلَانَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الصَّلَاةَ فَلَا يَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ حَتَّى يَأْخُذَ مَكَانَهُ» .
(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَهُوَ إدْرَاكُ الرَّكْعَةِ مَعَ الْإِمَامِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنْ يُمَكِّنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْمِقْدَارَ هُوَ الْفَرْضُ فَمَنْ أَدْرَكَهُ مَعَ الْإِمَامِ فَقَدْ ائْتَمَّ بِهِ فِي الرُّكُوعِ فَكَانَ مُدْرِكًا لَهُ مَعَهُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ كَبَّرَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الصَّفِّ فَمَتَى يَدِبُّ مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ قَالَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَرَكَعَ ثُمَّ دَبَّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ انْحَطَّ لِلرُّكُوعِ ثُمَّ دَبَّ رَاكِعًا فَيَكُونُ ذَلِكَ مُوَافِقًا لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ أَكْمَلَ الرُّكُوعَ ثُمَّ دَبَّ فَيَكُونُ ذَلِكَ مُخَالِفًا لَهُ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ عَنْ مَالِكٍ يُكَبِّرُ وَيَرْكَعُ وَيَدِبُّ رَاكِعًا وَرَوَى عَنْهُ أَشْهَبُ لَا يَدِبُّ إلَى الصَّفِّ حَتَّى يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ فَرُوِيَ عَنْهُ الْوَجْهَانِ جَمِيعًا وَلَعَلَّهُ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهِ لِمَا احْتَمَلَهُ اللَّفْظُ مِنْ التَّأْوِيلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الصَّفِّ مَأْمُورٌ بِهَا وَالصَّلَاةُ دُونَ الصَّفِّ مَنْهِيٌّ عَنْهَا وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ التَّكْبِيرُ دُونَ الصَّفِّ خَوْفَ الْفَوَاتِ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ فَلَا يَفْعَلُهَا دُونَ الصَّفِّ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إدْرَاكِ الصَّفِّ وَوَجْهُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ أَنَّ فِي دَبِيبِهِ فِي نَفْسِ الرُّكُوعِ اشْتِغَالًا عَنْ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عَلَى هَيِّنَتِهِ ثُمَّ يَدِبَّ بَعْدَ ذَلِكَ لِإِدْرَاكِ الصَّفِّ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمِقْدَارُ الْقَرِيبِ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ فِيهِ هَذَا رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ إنَّمَا يَرْكَعُ إذَا كَانَ قَرِيبًا يَدِبُّ بَعْدَ ذَلِكَ صَفَّيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَأَمَّا إذَا بَعُدَ فَلَا أُحِبُّهُ.