وَضْعُ الْيَدَيْنِ عَلَى مَا يُوضَعُ عَلَيْهِ الْوَجْهُ فِي السُّجُودِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ إنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا سَجَدَ وَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى الَّذِي يَضَعُ عَلَيْهِ جَبْهَتَهُ قَالَ نَافِعٌ وَلَقَدْ رَأَيْته فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْبَرْدِ وَإِنَّهُ لَيُخْرِجُ كَفَّيْهِ مِنْ تَحْتِ بُرْنُسٍ لَهُ حَتَّى يَضَعَهُمَا عَلَى الْحَصْبَاءِ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي جَمِيعِهَا مَانِعٌ مِنْ حَدَثٍ أَوْ قِيَامِهِ إلَى الصَّلَاةِ بَعْدَ جُلُوسِهِ دُونَ تَجْدِيدِ طَهَارَةٍ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُ مَالِكٍ وَذَلِكَ حَسَنٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ يُرِيدُ أَنَّ الرُّكُوعَ حِينَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَعَلَى ذَلِكَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَذَهَبَ دَاوُد إلَى وُجُوبِ ذَلِكَ، الدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ «قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِلَّذِي سَأَلَهُ عَمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الصَّلَوَاتِ فَقَالَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ فَقَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ فَقَالَ لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» .
[وَضْعُ الْيَدَيْنِ عَلَى مَا يُوضَعُ عَلَيْهِ الْوَجْهُ فِي السُّجُودِ]
(ش) : قَوْلُهُ إذَا سَجَدَ وَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى الَّذِي يَضَعُ عَلَيْهِ وَجْهَهُ هُوَ السُّنَّةُ وَاَلَّذِي يَجِبُ أَنْ يُعْمَلَ بِهِ لِأَنَّ الْيَدَيْنِ مِمَّا تُرْفَعُ وَتُوضَعُ فِي السُّجُودِ كَالْوَجْهِ وَبِخِلَافِ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ فَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُمَا حُكْمَ الْوَجْهِ فِيمَا يُوضَعَانِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ الْأَصَابِعُ يَعْنِي غِشَاءً مُتَّخَذًا لِلْأَصَابِعِ مِنْ الْجِلْدِ فَلَا يُصَلِّي بِهَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْأَصَابِعَ مِنْ الْيَدِ فَلَزِمَ أَنْ يُبَاشِرَ بِهَا مَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْ بِيَدَيْهِ الْأَرْضَ فِي السُّجُودِ وَكَانَتْ الْأَصَابِعُ فِي يَدَيْهِ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَأَمَّا الْجَبْهَةُ وَالْأَنْفُ فَهُمَا كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ وَالْأَنْفُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ تَبَعٌ لِلْجَبْهَةِ فَإِنْ سَجَدَ عَلَى الْجَبْهَةِ دُونَ الْأَنْفِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ سَجَدَ عَلَى الْأَنْفِ دُونَ الْجَبْهَةِ لَمْ يُجْزِهِ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هُمَا سَوَاءٌ وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ عَلَيْهِمَا لَمْ يُجْزِهِ وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْأَنْفَ لَيْسَ مَعَ الْجَبْهَةِ عَظْمًا وَاحِدًا وَإِنَّمَا هُوَ مُضَافٌ إلَى الْوَجْهِ وَلِذَلِكَ لَمْ تَكُنْ فِيهِ مُوضِحَةٌ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ مَعَ الْوَجْهِ عَلَى مَعْنَى التَّبَعِ.
وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ مَا رَوَى عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ وَلَا أَكُفَّ الشَّعْرَ وَلَا الثِّيَابَ الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ وَالْيَدَانِ وَالرُّكْبَتَانِ وَالْقَدَمَانِ» .
(مَسْأَلَةٌ) :
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُبَاشِرَ بِجَبْهَتِهِ الْأَرْضَ فِي السُّجُودِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فَإِنْ سَجَدَ عَلَى الْعِمَامَةِ أَجْزَأَهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ إنْ كَانَتْ الْعِمَامَةُ طَاقًا أَوْ طَاقَيْنِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ كَانَتْ كَثِيفَةً اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُعِيدَ فِي الْوَقْتِ وَاسْتُحِبَّ لِلْمُومِئِ أَنْ يَحْسُرَ الْعِمَامَةَ عَنْ جَبْهَتِهِ إذَا أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ لِيَكُونَ عَلَى هَيْئَةِ السُّجُودِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الرُّكْبَتَانِ وَالْقَدَمَانِ فَلَيْسَ مِنْ سُنَّتِهِمَا مُبَاشَرَةُ الْأَرْضِ بِهِمَا فِي السُّجُودِ لِأَنَّهُمَا لَا يُرْفَعَانِ وَيُوضَعَانِ فِي السُّجُودِ وَلِأَنَّهُمَا مَسْتُورَتَانِ فِي الْغَالِبِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ وَلَا أَكُفَّ الشَّعْرَ وَلَا الثِّيَابَ» .
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ وَلَقَدْ رَأَيْته فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْبَرْدِ وَأَنَّهُ لَيُخْرِجُ كَفَّيْهِ مِنْ تَحْتِ بُرْنُسٍ لَهُ حَتَّى يَضَعَهُمَا عَلَى الْحَصْبَاءِ إخْبَارٌ عَنْ تَشَدُّدِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَخْذِهِ بِالْأَفْضَلِ عَلَى شِدَّةِ الْبَرْدِ وَلَوْ تَوَقَّى الْبَرْدَ بِفَضْلِ ثَوْبِهِ لَأَجْزَأَهُ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ وَجْهَهُ مِنْ الْأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ» .
(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ مَنْ وَضَعَ جَبْهَتَهُ بِالْأَرْضِ فَلْيَضَعْ كَفَّيْهِ عَلَى الَّذِي يَضَعُ عَلَيْهِ جَبْهَتَهُ ثُمَّ إذَا رَفَعَ فَلْيَرْفَعْهُمَا فَإِنَّ الْيَدَيْنِ يَسْجُدَانِ كَمَا يَسْجُدُ الْوَجْهُ) .
(ش) : قَوْلُهُ إذَا وَضَعَ جَبْهَتَهُ بِالْأَرْضِ فَلْيَضَعْ يَدَيْهِ وَإِذَا رَفَعَ فَلْيَرْفَعْهُمَا أَنَّ حُكْمَ الْيَدَيْنِ فِي السُّجُودِ فِي الْوَضْعِ وَالرَّفْعِ حُكْمُ الْوَجْهِ وَلَا يُشَارِكُهُمَا فِي الْوَضْعِ وَالرَّفْعِ سَائِرُ الْأَعْضَاءِ فَمَنْ كَانَتْ جَبْهَتُهُ أَوْ يَدَاهُ بِالْأَرْضِ لِمَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي لَمْ يُجْزِهِ سُجُودُهُ إلَّا بَعْدَ