صَلَاةُ الضُّحَى (ص) : (مَالِكٌ عَنْ مُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبِ أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَتْهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَامَ الْفَتْحِ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ» )
ـــــــــــــــــــــــــــــQآخَرُ وَهُوَ أَنَّ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الرُّخْصَةُ فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فَإِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ دُونَ الْجَوَازِ كَاسْتِقْبَالِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ لَهُ رَاحِلَتُهُ.
[صَلَاةُ الضُّحَى]
(ش) : قَوْلُهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَامَ الْفَتْحِ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ تُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهُ صَلَّاهَا نَافِلَةً وَلَمْ تُبَيِّنْ ذَلِكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَسَيَرِدُ بَيَانُهُ بَعْدَ هَذَا وَلَيْسَتْ صَلَاةُ الضُّحَى مِنْ الصَّلَوَاتِ الْمَحْصُورَةِ بِالْعَدَدِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا وَلَا يُنْقَصُ مِنْهَا وَلَكِنَّهَا مِنْ الرَّغَائِبِ الَّتِي يَفْعَلُ الْإِنْسَانُ مِنْهَا مَا أَمْكَنَهُ وَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ التَّأَسِّي بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلْيُصَلِّهَا ثَمَانِي رَكَعَاتٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ حَدًّا وَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَيْسَ مَا صَلَّاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا يَوْمَ رَأَتْهُ أُمُّ هَانِئٍ حَدًّا لِذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ إيمَاءٌ إلَى أَنَّهُ مِقْدَارُ مَا صَلَّاهُ النَّبِيُّ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَيَّامِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّي فِيهَا ذَلِكَ الْوَقْتَ رُبَّمَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ وَرُبَّمَا زَادَ وَلَعَلَّهُ كَانَ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ الَّذِي كَانَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ إذَا صَلَّى هَذِهِ الصَّلَاةَ كَمَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِحَدٍّ وَلَا تَقْدِيرَ لِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِقْدَارُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ مَا اخْتَارَ لِنَفْسِهِ مَعَ مَا رُزِقَ مِنْ الْقُوَّةِ عَلَى ذَلِكَ.
(فَصْلٌ) :
وَلَيْسَ فِي قَوْلِهَا ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَلَا أَنَّهُ صَلَّاهَا كُلَّهَا بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا قَصَدَتْ إلَى ذِكْرِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِي حَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ «أَنَّهُ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ» .
(ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ «أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ تَقُولُ ذَهَبْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْفَتْحِ فَوَجَدَتْهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ بِثَوْبٍ فَسَلَّمْت عَلَيْهِ فَقَالَ مَنْ هَذِهِ فَقُلْت أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ انْصَرَفَ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ ابْنُ أُمِّي عَلِيٌّ أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلًا أَجَرْتُهُ فُلَانَ بْنَ هُبَيْرَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ وَذَلِكَ ضُحًى» ) .
ش قَوْلُهَا ذَهَبْتُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْفَتْحِ ذَهَابُهَا هَذَا كَانَ بِمَكَّةَ وَقَوْلُهَا فَوَجَدَتْهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ فِيهِ سَتْرُ ذَوِي الْمَحَارِمِ مِنْ النِّسَاءِ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ مِنْ الرِّجَالِ وَقَوْلُهَا فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَنْ هَذِهِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهَا بِنُطْقِهَا بِالسَّلَامِ وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهَذَا بَعْضُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ شَهَادَةَ الْأَعْمَى لَا تَجُوزُ عَلَى أَنَّ الْأَصْوَاتَ لَا يَقَعُ التَّمْيِيزُ بِهَا وَلَيْسَ فِيهِ تَعَلُّقٌ لِأَنَّ مَنْ يُجِيزُ ذَلِكَ لَا يَقُولُ إنَّ كُلَّ مَنْ سَمِعَ مُتَكَلِّمًا يُمَيِّزُ صَوْتَهُ وَلَكِنَّهُ يَقُولُ إنَّ مِنْهَا مَا يَقَعُ بِهِ التَّمْيِيزُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ مِنْ كَرَمِ الْأَخْلَاقِ التَّرْحِيبُ بِالْأَهْلِ وَالتَّأْنِيسُ لَهُمْ وَتَأْخِيرُهَا سُؤَالَ حَاجَتِهَا حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ مِنْ حُسْنِ التَّسَاؤُلِ وَجَمِيلِ الْأَدَبِ أَنَّهَا تَرَكَتْهُ حَتَّى تَفَرَّغَ لِحَاجَتِهَا وَخَلَا لِسَمَاعِ شَفَاعَتِهَا وَالنَّظَرِ فِي أَمْرِهَا.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهَا: زَعَمَ ابْنُ أُمِّي عَلِيٌّ - إخْبَارٌ عَنْ قُرْبِ مَحَلِّهِ مِنْهَا مَعَ مَا يُرِيدُ مِنْ مُخَالِفَتِهَا أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلًا أَجَارَتْهُ فُلَانَ ابْنُ هُبَيْرَةَ وَهَذَا جَدُّهُ وَكَانَتْ أُمُّ هَانِئٍ أَجَارَتْهُ لِمَوْضِعِهِ مِنْهَا وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ تَأْمِينِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ يُجَوِّزُ ذَلِكَ مَالِكٌ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَيْسَ فِي هَذَا